مجلس الأمة
نسخة للطباعة

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على رسولنا العربي الهاشمي الأمين، المبعوث رحمةً للعالمين...

سيدي صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني إبن الحسين حفظه الله ورعاه

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد...

في رحابِ بيتنا الهاشميّ الأول- رغدان العامر- وهو المقرُّ
الذي منه بدأ التأسيس، وبدأت الدّولة.. يقف مجلسُ الأعيان بين يدي قائد الوطن، ليردّ بالشكر والحب والتقدير، على خطبة العرش التي افتتحتم بها جلالتكم الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة الثامن عشر، والتي رسمت لنا معالم المرحلة القادمة في مسيرتنا الديمقراطية المستمرة والمتواصلة منذ ما يقارب القرن الكامل من الزّمان.. ما جَعَل مملكتنا الأردنية الهاشمية واحةَ الأمن والطمأنينة والاستقرار، وأنموذجاً عربياً للدولة المدنية الحديثة والقلعة الصامدة على الدوام.. بفضل قيادتنا الهاشمية الحكيمة والعظيمة والرحيمة، وكنا بها ومعها القادرين بعون الله، على مواجهة كل من أراد بنا شرّاً، من الأعداء الحاقدين على اختلاف مسمياتهم وبخاصة خوارج العصر، الذين شوّهوا سماحة الإسلام، ونقاء العروبة، وإنسانية الإنسان، ومن أولى من عميد آل بيت رسول الله في التصدي لهذه الهجمة الظالمة على الاسلام، دين التسامح والرحمة، حتى تنتهي الغُمّة، ويزول الدّجى عنا وعن الأمة .. التي أرادها الله أن تكون خير أمة أخرجت للناس.

ويؤكد مجلس الأعيان على ما جاء في خطبتكم الشاملة بعدم السماح لأي كان بالتجاوز على حقوق المواطن، أو المساس بكرامته .. فالجميع متساوون في الحقوق والواجبات .. ولا أحد على الإطلاق فوق القانون .. وسنواجه تحديات التحديث والتطور والتقدم بعزيمة لا تلين، وبوعيٍ وإدراك للواقع، وبرؤية واثقة نستمدها من قيادتكم الملهمة وحكمتكم المستشرفة للمستقبل، وصولاً إلى الوطن الأنموذج الذي نباهي به سائر الأوطان .

 

سيدي صاحب الجلالة...

يُبارك مجلس الأعيان جهود جلالتكم الدؤوبة، ومتابعتكم الحثيثة للدفاع عن الأقصى الشريف، وسائر المقدسات الإسلامية والمسيحية التي أثمرت عن الإعلان العادل لليونسكو، بأنّ منطقة الأقصى بكامل مساحتها، فوق الثّرى، وتحته، وحوله.. هي منطقة إسلامية خالصة، وهي كلها كانت، وما تزال، وستبقى في الوصاية الهاشمية أمانةً غاليةً ومقدّسة إلى أن يستعاد الوطن المحتل من غاصبيه، ويرد الأقصى والقيامة والمهد، والحرم الإبراهيمي وسائر المقدسات بإذن الله جلت قدرته.

 

سيدي صاحب الجلالة...

يُثمّن مجلس الأعيان عالياً اهتمام جلالتكم بالقضاء العادل النزيه – والعدل أساس المُلك – ويقدَر حرص جلالتكم على تطويره وتحديثه وتعزيزه، ليواكب متطلبات العصر، ويسير جنباً إلى جنب مع سائر السلطات، ونحن ماضون على هذا النهج بقيادتكم الحكيمة نحو التشاركية والتكاملية بروح المسؤولية وخدمة الصالح العام مما يحتم وضع الضوابط والمبادئ التي تؤدي إلى تحقيق الفصل بين السلطات والتوازن في ما بينها.

سيدي صاحب الجلالة...

إنّ إصرار جلالتكم على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري، جاء ترسيخاً للديمقراطية، وتجسيداً للمشاركة الشعبيّة، وإن توجيهات جلالتكم للحكومة بإجراء انتخابات اللامركزية والبلدية يعكس إرادتكم السامية بتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية، ويؤكد النهج السليم في مواصلة عملية الإصلاح التي سَبَقْنا بها كل الآخرين.

وسيكون مجلس الأعيان يا مولاي، كما أردتم له أن يكون معززاً، ومسانداً للحكومة.. يقدم لها الدعم، ويتولى الرقابة، والمساءلة، حين يقتضي الأمر ذلك.. تلك هي الديمقراطية التي أمرتنا يا مولاي أن نقوم بواجبنا الكامل في ميدانها، وعن ذلك الأمر يا سيدي لن نحيد.

 

سيدي صاحب الجلالة...

وبتوجيهاتكم وقيادتكم يا سيدي سنسعى إلى الاسهام في وضع سياسات وبرامج واقعية وأهداف قابلة للتحقيق من أجل النهوض بواقع الإقتصاد الوطني وتحقيق تنمية مستدامة ورفع معدلات النمو وزيادة الاستثمارات التي تخلق فرص العمل لشبابنا وتُمكّنهم من امتلاك فرص الحياة الكريمة مع التركيز بشكل خاص على البرامج الوطنية لتنمية الموارد البشرية في مختلف المراحل والجوانب التعليمية والمهنية والثقافية والاقتصادية.

 

سيدي صاحب الجلالة...

يؤكد مجلس الأعيان على أنّ الأردن، بقيادتكم الهاشمية بكل ما لها من شرعية دينية وتاريخية وقومية، سيبقى على عهد الوفاء لقضايا أمتنا العربية والإسلامية وفي طليعتها حق الشعب الفلسطيني الشقيق في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية، التي حملتم أمانتها منذ الشريف الحسين بن علي، الذي يسكن جسده ثراها المقدس، وترفرف روحه الطاهرة في سمائها المباركة.

 

سيدي صاحب الجلالة...

يعبّر مجلس الأعيان عن اعتزازه وفخره بقواتنا المسلحة
- الجيش العربي المصطفوي – وأجهزتنا الأمنية كافة التي يستحق فرسانها منا أن نقدم لهم أقصى ما نستطيع من دعم وإسناد، ومن محبة وعرفان .. على قدر التضحيات التي بذلوها، ويبذلونها دون منٍّ، من أي بطل من أبطالهم، وبلا تردُّدٍ حتى من الأهل، حين يناديهم الواجب المقدس، للتضحية والعطاء والفداء.. فهم أبناء العسكر الذين مضوا وآباء العسكر الآتين المنذورين للوطن على عهد الآباء والأجداد.

 

 

سيدي صاحب الجلالة...

ومجلس الأعيان، ماثلٌ بين يديكم الكريمتين، في هذا الضحى المبارك، يتوجه من هنا.. من المقر العامر (رغدان الخير والعطاء)، إلى أهلنا في كل أنحاء الوطن، بالعهد، والوعد أن نظل الأوفياء للعرش الهاشمي المفدى، ولأردننا الغالي، ولأهلنا غربيَّ النهر، والأقصى وسائر المقدسات.. التي نحمل أمانتها صامدين صابرين قادرين بإذن الله.. لا نألو جهداً في الدفاع عنها، كما فعل الأجداد والآباء، وكما سيفعل الأبناء والأحفاد.. من بعدنا.. حتى يعود الحقُّ إلى أهله، وتُرَدَّ الأمانة إلى أصحابها، والحمد لله من قبل ومن بعد، على نعمة الأمن والأمان والاستقرار التي حبانا بها ببركة آل البيت الأطهار، ونشامى جيشنا الأبرار، وأجهزتنا الأمنية الباسلة، وشعبنا الكريم المعطاء.

 

والسلام على سيدنا وقائدنا أبي الحسين ..

حفظه الله ورعاه .. وسدَّد على طريق الخير خطاه.