مجلس الأمة
نسخة للطباعة

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على رسوله النبي العربي الهاشمي الأمين

حضرة صاحب الجلالة الملك الهاشمي عبد الله الثاني إبن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه ، وأعز ملكه وأيده بنصره

يتشرف مجلس الأعيان ، وهو يمثل بين يدي جلالتكم في عرين الهاشميين ، وبيت الأردنيين الأوفياء المخلصين لجلالتكم ولعرشكم الهاشمي الخالد ، أن يرفع إلى مقام جلالة سيدنا وافر الشكر ، وعميق الامتنـان والعرفان لتفضلكم بافتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة الخامس عشر ، بإلقاء خطـبة العرش السامي التي حددت معالم المرحلة المقبلة ، ومنهجية التعامل مع متطلباتها ، معاهدين جلالتكم أن نكون كوكبة طلائعية متقدمة في ركب العـطاء الذي تقودونه بعزيمة وتصميم واقتدار ، وعلى السير قُدما بقيادتكم المُلهَمة ، للإسهام في إعلاء بناء دولة المؤسسات ، التـي ورثت رسالة الثورة العربية الكبرى ، بقيادة أحفاد هذه الثورة العظيمة وريادتهم ، الذين نذروا أنفسهم من اجل رفعة الأمة والوطن ، و كرامة شعبه المخلص ، الوفـي لمبادئ تلك الثورة ورسالتها النبيلة ، مستمدين من شجاعتكم وحكمتكم وسعة أفقكم ورؤاكم الخيرة النبيلة العزم والعزيمة للمضي نحو المستقبل الواعد الذي أراده الهاشميون الأبرار ، الذين توارثوا حمل الراية ، وصنعوا لأمتهم مجدا سيبقى على الدوام مبعث فخر واعتزاز . كما يعاهد المـجلس جلالتكم أن يكون الداعم والسند لحكومتكم الرشيدة ، لتتمكن ، بعون الله وبتوجيهاتكم السامية وبمساندة الشعب الأردني الوفي كله ، وبالتعاون والتنسيق والتشاور مع السلطة التشريعية ، من تنفيذ جميع برامجها في المحاور ذات الأولوية .

صاحب الجلالة الملك المعظم

لقد أكدتم جلالتكم في خطبة العرش السامي ان الجانب الاقتصادي ، وبخاصة في بعده الإجتماعي ، ما يزال يتصدر أولوياتكم ومحور اهتماماتكم . فالتحديات في هذا المجال كبيرة ومتعددة ، وقد أفرزت جزءا منها موجة الغلاء العالمية ، وسلسلة الزلازل الاقتصـادية والمالية التي تضرب العالـم كله . إننا ، يا صاحب الجلالة ، نقدر عاليا جهود جلالتكم التي بذلتموها ، وماتزالون ، داخليا وخارجيا ، والتي هيأت لمملكتنا العزيزة كل مستلزمات السير على الطريق الصحيح ، باتجاه النهضة الشاملة ، التي هي ثمرة عطاءاتكم الخيرة ، وجوهـر رؤاكم الثاقبة .

جلالة قائدنا الغالي

إن مجلس الأعيان يشيد بتأكيد جلالتكم على ان الإصلاح الاقتصادي سيبقى من الركائز الرئيسة والأساسية لبناء اقتصاد وطني قوي ، ينعكس بشكل ايجابي على مستوى معيشة الأردنيين . كما يشيد المجلس بالتزام حكومتكم بتقديم الخدمات الأساسية ، وبأفضل المستويات ، للمواطنين وبالشكل الذي يلبي احتياجاتهم وأولوياتهم ، والعمل لتوحيد مستوى الخدمات الصحية والتعليمية في العاصمة والريف والبادية والمخيمات ، وضمان توزيع جغرافي عادل لعوائد التنمية ومشاريع البنى التحتية ، وتطوير علاقـة وزارة العمل بصندوق المعونة الوطنية ، بحيث يتم إشراك أبناء الأسر المستفيدة في برامج التدريب المهني لتأهيلهم لدخول سوق العمل ، والمساهمة في كل الأنشطة الاقتصادية .

إن تأكيد خطبة العرش السامي ، يا صاحب الجلالة ، بأن الحكومة ستلتزم بكل ما يوفر الاستقرار والطمأنينة للمواطن الأردني ، وتنفيذ منظومة الأمان الاجتماعي ، وتوسيع مظلة التأمين الصحي ، والاستمرار بالمبادرة التي أطلقتموها جلالتكم " سكن كريم لعيش كريم " وبقيتم تتابعونها لحظة بلحظة وخطوة بعـد خطوة ، مصرين على إتمامها خلال السنوات الخمس المقبلة ، تشكل جميعها لبنات صلبة في إعلاء بنيان وطننا العزيز .

لقد أكدتم جلالتكم أن الإزدهار الإقتصادي يتطلب تنفيذا فوريا لمجموعة من الإجراءات التي تضمن الإستقرار المـالي ، وتعزز البيئة الإستثمارية . وكما تفضلتم جلالتكم ، فإنه لا بد من ضـبط مستويات التضخم لحماية المواطن من زيادة تكاليف المعيشة ، وربط مستويات الرواتب والتقاعد بمعدلات التضخم ، وتفعيل سياسات مصرفية تضمن سلامة الأجهزة المصرفية وسمعتها ، والتقدم إلى مجلس الأمة بقانون ضريبة جديد يحفز القطاعات الواعدة ، ويساهم في تعزيز البيئة الاستثمارية ، مع اتخاذ الخطوات الضرورية للإستمـرار في تشجيع الاستثمارات وجذبها ، وبخاصة العربية الخليجية ، وتوفير كافة متطلبات البنى التحتية في المناطق التنموية في معظم أرجاء المملكة ، إضافة إلى إعتماد أسلـوب التخطيط الوظيفي في القطاع العام ، القائم على مبادئ الجدارة في الترقية ، وتعيين ذوي الكفاءات والمواهب المتميزة من مختلف محافظات المملكة ، مع الإعتمـاد على التقييم المستمر والتدريب المتواصل . وما مبادرة جلالتكم الكريمة ، وأنتم تعيشون هموم شعبكم ، وتسهرون على رعايته ، بتوجيه الحكومة لزيادة الرواتب إبتداء من مطلع العام المقبل ، وتثبيت هذه الزيادة في موازنة عام 2009 بالإضافة إلى رفع الحد الأدنى للأجور بما يوفر عيشا كريما لشريحة واسعة من المواطنين ، إلا إحدى مبادراتكم المباركة الخيرة التي مازلتم تنعمون بها على أبناء شعبكم الوفي .

صاحب الجلالة الملك المعظم

إن تحقيق الأمن الغذائي الذي أكدتم عليه جلالتكم ، واعتبرتموه من أهم الأولويات ، هو احد أركان الاستقرار . وإن ما يعزز هذا الاستقرار في وطننا الأغلى هو حرص جلالتكم الكريم على رعاية المزارعين والعاملين في مجال الثروة الحيوانية ، وتأكيدكم الحازم على تنفيذ البرنامج الشامل لتطوير البادية الأردنية ، وعلى مواصلة حكومتكم الرشيدة دعم الخبز ، وضرورة تكامل الأمن الغذائي مع الأمن المائي ، وعلى الإسراع في تنفيذ برنامج الطاقة النووية للأغراض السلمية ، وتنفيذ مشروع الصخر الزيتي ، مما سينعكس إيجابا على الأردنيين جميعا ، الملتفين حول قائدهم بتفان وإخلاص .

جلالة سيدنا المفدى

ان تركيز جلالتكم على أن أي تقدم يرتبط بوجود بيئة قانونية وقضائية ، تضمن سيادة القانون ونزاهة القضاء واستقلاله ، بالإضافة إلى وضع التشريعات الكفيلة بتسريع إجراءات التقاضي ، والإلتزام بمبدأ الفصل بين السلطات ، هو تأكيد على أن المملكة الأردنية الهاشمية هي دولة الدستور والقانون والمؤسسات .

يا صاحب الجلالة

ان مجلس الأعيان ، يقدّر عاليا ، رؤية جلالتكم بضرورة ربط التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالتنمية السياسية ، من أجل توسيع قاعدة المشاركة في عملية صنـع القرار وتنفيذه ، وتعزيـز مبادئ الشفافية والمساءلة وتكافؤ الفرص ، بانتهـاج أسلوب إدارة محلية لا مـركزي . وكما وجهتم جلالتكم ، فان مجلس الأعيان سيتعاون مع الحكومة على إعادة دراسة توصيات لجنة الأقاليم ، ووضع تشريع يستند إلى هذه التوصيات ، بهدف تمكين المجتمعات المحلية من تحديد احتياجاتها التنموية ، ومتابعة تنفيذ برامجها .

ان توسيع المشاركة السياسية على المستوى الوطني الشامل هو احد الأهداف الرئيسة لمسيرة التنمية والعطاء التي تقودونها جلالتكم . وقد بذلتم جهودا خيرة من اجل حث مختلف فئات المجتمع ، وبخاصة قطاعي المرأة و الشباب ، على المشاركة والانتخاب ودخول ميادين العمل العام . ويتطلب هذا الأمر ، كما تفضلتم جلالتكم ، من جميع المكونات الاجتماعية ، والأحزاب والمنظمات غير الحكومية المساهمة في ترسيخ ثقافة الديمقراطية ، واعتمـاد الحوار وسيلة للتواصل الحضاري ، ورعـاية حرية الفكر والإبداع ، وتعظيم المشاركة الشعبية . وفي هذا المجال فان جزءا من المسؤولية يقع على كاهل الإعلام الوطني ، الذي عليه أن يتمسك بمبادئ المهنية والموضوعية ، باعتباره احد ركائز مجتمعنا الديمقراطي ، مع التأكيد على أن الصحافة مهنة رفيعة ، لها رسالتها النبيلة ، ودورها الهام في صون المصلحة الوطنية العليا وحمايتها ، بعيدا عـن التضليل ، وتحويل الرأي الشخصي إلى حقيقة عامة .

صاحب الجلالة القائد الأعلى

إن قواتنا المسلحة ، الجيش العربي المصطفوي ، ومـعها الأجهزة الأمنية ، وهي مـدرسة الشجاعة والوطنية والكفاءة والمناقبية ، ومفخرة الأردن ودرع الوطن وسياجه المنيع ، والعيون الساهرة على أمن الوطن والمواطن ، وحارس المسيرة والمنجزات ، وصاحبة دور تنموي محوري ، ستبقى موضع احترام مجلس الأعيان وتقديره . ويتوجـه المجلس الى جلالة القائد الأعلى ، وإلى قواتـه الباسلة وأجهزته الأمنية المخلصة ، بتحية التقدير والاعتزاز ، مباركا دعم جلالتكم ورعايتكم جيشنا العربي المصطفوي ، وأجهزتنا الأمنية ، وتزويدها بكل ما تحتاج إليه من أحدث الأسلحة والمعدات وأعلى مستويات التدريب والتأهيل ، وتوفير الحياة الكريمة لمنتسبيها كافة وعائلاتهم .

صاحب الجلالة قائد الوطن

ان المواقف القومية الثابتة التي تقفها المملكة الأردنية الهاشمية بقيادتكم الحكيمة ، وتمسكها بعمقها العربي الذي يشكل محيطها الحيوي ، ودورها في العمـل العربي المشترك هي مواقف معروفة للجميع . فالأردن ، بقيادتكم الهاشمية ، هو الأمين على مبادئ الثورة العربية الكبرى ، الحريص برسالته ومكانته على استثمار علاقاته الدولية وتوظيفها لخدمة قضايا أمتيه العربية والإسلامية ، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية . فالهاشميون الغر الميامين ، قدموا من أجل هذه القضية تضحيات لا حدود لها . وإن إيمان جلالتكم بضرورة إيجاد توافق وإجماع عربي مؤسسي لدعم الأشقاء الفلسطينيين ، وحرصكم على مواصلة دعمهم بكل السبل ليتمكنوا من الوصول إلى حقوقهم المشروعة ، وإقامة دولتهم المستقلة ذات السيادة على ترابهم الوطني وعاصمتها القدس الشريف ، هو التزام عربي أردني هاشمي ثابت أصيل . كما أن حرص جلالتكم على دعم الشعب العراقي الشقيق ، وزيارتكم السامية الشجاعة إلى العـراق ، وهي أول زيارة عربية على هذا المستوى الرفيع ، ووقوفكم إلى جانبه حتى يعود هذا البلد العربي الشقيق إلى مكانته الطبيعية في محيطه العربي والإسـلامي ، وينعم أهله بالأمن والاستقرار ، والتقدم والازدهار ، هو فخر لكل أردني ولكل عربي صادق ، ملتزم بأهداف أمته العربية وتطلعاتها . وإننا في مجلس الأعيان ، يا صاحب الجلالة ، مع شعبكم الأردني كله ، نعتز ونلتزم بموقف جلالتكم العربي الهاشمي الشريف إزاء الأشقاء العراقييـن المقيمين بيننا .

مولانا الغالي المفدى

جلالتكم رائد الإصلاح ، وقائد التنمية ، ومنارة هذا الوطن العزيز ، وحامل شعلة التحديث والديمقراطية ، الساهر ليلا ونهاراً على رعاية أبناء شعبكم الوفي النبيل ، الساعي دائما لجمع شمل العرب وتوحيد كلمتهم .

نبتهل إلى الله ، جلت قدرته ، أن يحمي جلالتكم ويحفظكم بكل خير ، ويكلأكم بعين رعايته وتوفيقه ، ويمد في عمركم ، ويوفقكم في كل جهودكم ومساعيكم الخيرة .

والسلام على عميد آل البيت الأبرار ، جلالة سيدنا وقائدنا المفدى ، ورحمة الله وبركاته