مجلس الأمة
نسخة للطباعة

رد مجلس الأعيان على خطاب العرش السامي
في افتتاح الدورة العادية الثالثة
لمجلس الأمة الخامس

يا صاحب الجلالة،

يتشرف مجلس الأعيان برفع شكره الأوفر إلى مقامكم السامي على تفضلكم بافتتاح مجلس الأمة في دورته العادية . ويتلقى التحية الملكية الكريمة بشعور الولاء الوفي لعرشكم الهاشمي المفدى.

ولقد كان من اسعد أيامنا وأبهجها يوم أعلنتم في خطاب العرش السامي الاتفاق على انسحاب القوات العسكرية البريطانية من أرضنا في اليوم العشرين من شهرنا هذا على أن يتم خلال زمن لا يجاوز ما يقتضيه إعداد وسائط النقل. وانه ليوم أغر يذكرنا بجهادكم المشرف في تحرير الأردن.

وان مجلسنا لجد مغتبط برغبتكم في أن نتعاون نحن والشقيقات العربية على السيادة الكاملة وان يكون القرار العربي المشترك – كما أشرتم جلالتكم – مظهرا رائعا من مظاهر الإخوة العربية، ويرجو كما رجوتم أن يعيد للعرب الثقة المتبادلة ويفتح بينهم صفحة جديدة من العلاقات الطيبة ليكونوا كأسرة واحدة.

ولا ريب أن خير وسيلة لتحقيق ذلك هي أن يتناسى الجميع الماضي ويحرصوا على بث ما يزيل الوحشة ويوثق عرى المودة والألفة.

يا صاحب الجلالة،

تفضلتم فقلتم: إن الأردن بوعي شعبه الكريم ويقظة جيشه الباسل كان ولا يزال خط الدفاع الأول وان قضية فلسطين الغالية هي قضية العرب الأولى حتى تستعيد حقوقها كاملة .

وان ما ذكرتموه لحق يثبته موقع فلسطين من جزيرتنا وتمادي اليهود في العدوان علينا تماديا يظهر ما يبيتونه لنا من إفناء تدريجي واغتصاب لأوطاننا جزءا بعد جزء وما عدوانهم على قبيه وقلقيليه ونحالين عنا ببعيد.

ولئن كان حقا علينا ان نحرص على صون عقائدنا ومقدساتنا فان ذلك الحرص وحده لا يزيل القلق الذي يساورنا من خطر الصهيونية المتوثب لإفنائنا والعابث بأمن الشرق الأوسط وأمن العالم اجمع ما لم يكف أنصارها عن مؤازرتها ويكبحوا جماحها وينقذوا البشرية من شرورها وفسادها.

يا صاحب الجلالة،

إن من دواعي فخرنا وإعجابنا حرصكم على بقاء سياستنا امتدادا للسياسة المنبثقة من مباديء النهضة العربية الكبرى والمرتكزة على التحرر والوحدة الشاملة، وعطفكم على ثورة التحرر في الجزائر ومناصرة إخوة لنا أبطال يحطمون قيود الاستعمار ويستعذبون الموت في سبيل الحياة الكريمة.

وبناءكم علاقاتنا الدولية على مصادقة من يصادقنا ومعاداة من يعادينا وعلى مقاومة الاستعمار والطغيان وعدم الارتباط بما يمس استقلالنا ولا يتفق ومصلحتنا القومية.

يا صاحب الجلالة،

إن مجلسنا ليهتز ابتهاجا بما أشرتم إليه من السعي لبقاء جيشنا الباسل مضرب المثل وموضع الفخر والاعتزاز في مستواه الرفيع وفيما يتحلى به من خلال البسالة ومزايا الرجولة والولاء والطاعة.

وإنا لنأمل أمل جلالتكم إن تعود البلاد قريبا إلى عهدها من الدعة والرغد والطمأنينة. ومن الطبيعي إن تكون خير الوسائل إلى ذلك هي رفع القيود الاستثنائية وتسريح الأبرياء من المعتقلين وعمل كل ما يشعر الشعب بأنه في جهاز صالح مستقيم يقدس حريته ويسهر على إسعاده، ويحميه من الغرق في لجة الحاجة، بالاقتصاد الحكيم، والتعليم المهني، وبالأعمال الصناعية ، والزراعية المثمرة.

وفقنا الله لما فيه الخير والازدهار لامتنا المجيدة ولوطننا العزيز وأدام جلالتكم أفضل ذخر لهما واعز نصير انه السميع المجيب.

5/10/1958