مجلس الأمة
نسخة للطباعة

بسم الله الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على نبيه الكريم

حضرات الأعيان ، حضرات النواب ،

اننا اذ نفتتح هذه الدورة العادية لمجلسكم الموقر في ميعادها الدستوري نحييكم أطيب تحية ونسأل المولى عز وجل أن يكلل دورتكم باليمن والاقبال وصادق الأعمال وأن يوفقكم لما فيه خير هذه الأمة وازدهار هذا الوطن العزيز .

حضرات الأعيان ، حضرات النواب ،

لقد كانت هذه المملكة منذ تأسيسها وارثة لمبادىء النهضة العربية الكبرى تستظل برايتها الخفاقة وتسير على هدى رسالتها الخالدة التي حملت في طياتها الدعوة الى الحرر والوحدة وحماية التقاليد العربية وصيانة العقائد الروحية وقيام كيان عربي موحد كامل السيادة والاستقلال . وتعلمون أن أردننا العزيز الذي كان طيلة تاريخه الحافل بالكفاح لخير العرب لا يزال وسيظل بعون الله المثل الأعلى في البذل والتضحية في سبيل القضايا العربية كافة .‏ولقد جاهد بعزم وثبات وصبر وايمان لجمع الشمل وتوحيد الكلمة رغم ما اعترضه من عراقيل وعقبات وما حيك له من دسائس وما دبر له من مؤامرات كان آخرها الحادث الفاجع الذي أودى بحياة شهيدنا ورئيس وزرائنا السابق المغفور له هزاع المجالي ونفر من المواطنين الأبرار من موظفين ومدنيين ، ذلك الحادث الذي لاقى استنكارا شـديدا من جميع أنحاء العالم لما انطوى عليه من جبن ونذالة وتنكر لتعاليم الدين والأخلاق العربية التي اتصفت بالشجاعة والمروءة . ومهما كانت نيات مدبري هذا الحادث نحو هذا البلد العزيز فانه والحمد لله لم يزده الا ايمانا برسالته وتصميما على السير نحو غاياته في طريقه الواضح المستقيم ، تلك الغايات التي ترمي الى خير العرب وعزهم وتحقيق آمالهم وأمانيهم والنهوض بهم الى المستوى الذين يصبون اليه .

لقد وقف الأردن في السنوات الأخيرة في وجه أعاصير هوجاء صامدا كالطود لم يهن له عزم ولم تلن له قناة ، بل ظل مثابرا عل نشر رسالته في سبيل البناء والتعاون والاخاء وقد مد يده المتسامحة الى اخوانه ، مناشدا اياهم التعاون والتلاقي في ميادين الشرف والبناء والدفاع عن الحق . ومن المؤلم حقا أنها لم تلق من بعض اخواننا الا الجحود والنكران والاصرار على التحدي والعدوان ومزيدا من الدسائس والمؤامرات بحيث اتضح لكل ذي عينين أن هذا الانحراف عن مصلحة العرب وهذه الاندفاعات الى الفوضى والتدمير ليست الا من تخطيط أعداء العرب للقضاء على قوميتنا وتهديم عقائدنا وتقاليدنا ومن المؤسف أن يجد هؤلاء لهم في عالمنا العربي عملاء ومأجورين يستعينون بهم على تنفيذ غاياتهم ومقاصدهم الشريرة .

واننا لواثقون كل الثقة بأن هذه المؤامرات والدسائس والحملات الوضعية التي شنتها اذاعات الجمهوريات العربية المتحدة وصحافتها على بلدنا الحبيب الذي تحرر من كل قيد وانطلق من كل عقال الا من تقيده بمصالح العرب وارتباطه بكل ما يعود عليهم من خير لم يكن لها من سبب الا موقفنا من الشيوعية وسعينا للحيلولة دون تغلغلها في عالمنا العربي وتنبيه قومنا الى ما سجر عليهم من مصائب ومحن وويلات واحن .

حضرات الأعيان ، حضرات النواب ،

عندما تجلت لنا أهمية اجتماعات هيئة الأمم ، ونحن من الموقنين بفائدة هذه المنظمة العالمية وعظيم نفعها للأمم كافة ولا سيما الدول الصغرى ، ومن المؤمنين بأن في بقائها ضمانا قويا لسيادة الحق على القوة والسير بقافلة الوجود نحو مستقبل كريم تسود فيه مبادىء الحرية والعدل بتقدم الزمن ومن الشاعرين بما يبذله المعسكر الشيوعي من جهد لتدمير هذا الصرح العربي العالمي الكبير . وعندما رأينا رؤساء الدول من الشرق والغرب يهرعون الى حضور هذه الاجتماعات خشينا أيضا أن يتناولوا قضايا العرب بما ليس في صالح العرب دفعنا واجبنا القومي وحفزتنا مصائر أوطاننا وقضايا أمتنا للشخوص الى مقر الأمم المتحدة لنعلي صوت العروبة في أهم دورة من دوراتها . ولنعلم للناس جميعا مبادئنا وأهدافنا ولنذود عن حقوق العرب في أخطر قضاياهم ألا وهي قضية فلسطين وقضية الجزائر . وهناك ومن فوق منبر هيئة الأمم ارتفع صوت الأردن مجلجلا مدويا بأننا لن نقف موقف الحياد بين الحق والباطل بين الهدم والبناء بين الايمان والالحاد بين الحفاظ على مبادئنا ومقوماتنا ومثلنا ، وبين هدر مبادئنا وتقويض مقوماتنا وتدمير مثلنا ، أعلنا بأننا سنقاوم الزحف الشيوعي الى بلادنا لأننا نؤمن ايمانا راسخا بأن الشر لن يكون خيرا في موطن من المواطن . ورحنا ندافع عن اقدس قضايانا ، قضية فلسطين وقضية الجزائر وقد بينا للعالم رأينا بشأنهما بكل جلاء ووضوح والبنا بوجوب حل هاتين القضيتين حلا سريعا حاسما سداه ولحمته اعادة الحق فيهما الى نصابه بمقتضى مبادىء العدل وميثاق الأمم المتحدة وبينا وبكل جلاء وبما لا يدع مجالا للشك انه لن يكون في هذه المنطقة من العالم سلم حقيقي ما لم تحل هاتان القضيتان حلا سريعا وعادلا .

ثم أخذنا نذود عن أنفسنا وعن أمتنا ومستقبلها ونبين في قول صريح لا لبس فيه ولا غموض للعالم بأجمعه - والألم يحز في نفوسنا - موقف الجمهورية العربية المتحدة منا وما تبيت لبلادنا من شر وما تحوك لها من دسائس وما تريد بها من ضر وما تحاول أن تبث من ذعر في بلاد لا يعرف الذعر الى قلوب أبنائها سبيلا . كل ذلك - يا حضرات السادة - لدفاع هذا البلد عن حقه في ان يحيا حياة حرة كريمة ولصموده كالطود الأشم في هذا الدفاع ولأنه من ناحية اخرى لا يني يدعو الى التصافي والسير بالأمة العربية صفا صفا وزحفا زحفا لخدمة أهداف العرب المشتركة وتحرير أوطانهم المغتصبة وليكون ( زحفهم للمقدس) الى خنادق الأعداء لا الى عواصم الأهل والأقرباء .

لقد صبرنا على الكيد حتى بات عدوانا وعلى الاثم حتى صار طغيانا وسكتنا على مالا يسكت عليه وأغضينا عما لا يمكن الاغضاء عنه ، حتى بلغ السيل الزبى ولم يبق في قوس الصبر منزع فكشفنا للعالم حقيقة عبد الناصر وأوضحنا سوء فعله ( وكل نفس بما كسبت رهينة ) والقضية ليست قضية الأردن وعبد الناصر بل انها قضية الأمة العربية ومصير أوطانها .

لقد كان لخطابنا دوي استحسان جمع القلوب حولنا وزاد في عدد انصارنا وانا لعلى ثقة من أن الأردن سيفيد من موقفنا الصريح أعظم فائدة ، ان لنا من ايماننا الصادق في خدمة أمتنا العربية ما يجعلنا على أتم اليقين بأننا سننتصر في النهاية وان الباطل سيهزم وسنبقى ساعين لتحقيق رسالتنا العربية الأصيلة مهما غلا الثمن وعز الفداء .

حضرات الأعيان ، حضرات النواب ،

ان الأردن باعتباره خط الدفاع الأول أمام الخطر الصهيوني ولأنه يضم الأغلبية الساحقة من اخواننا الفلسطينيين لهو أكثر من غيره شعورا وتحسسا بقضية فلسطين التي نعتبرها قضيتنا الأولى وشغلنا الشاغل ، وان سياستنا نحوها هي سياسة ثابتة لا تتغير ولا تتبدل وهي السعي للعمل بالتعاون مع الدول العربية الشقيقة على اعادة الحقوق العربية الى أصحابها الشرعيين ولن يهدأ لنا بال ولن تقر لنا عين حتى يعود الحق فيها الى أهله كاملا غير منقوص ، هذا عهد قطعناه وهدف نعمل على تحقيقه ، وان ايماننا بوعي شعبنا ويقظة جيشنا الباسل وعدالة قضيتنا تجعلنا على أتم الثقة بأن النصر للحق ولنا مهما اعترض سبيلنا من عقبات ووضع أمامنا من عراقيل‏.

ان قضية فلسطين التي جللت نكبتها ولا تزال رأس كل عربي بالعار حتى يغسل والتي تتحمل القيادات العربية والى حد كبير تبعاتها ومسؤوليات ما تجر وراءها من ويلات وكوارث بما تنتهجه من سياسات انتهازية مرتجلة وما تخططه من متاجرة بمشاعر الجماهير ان هذه القضية سنظل نفتديها بالأرواح والاموال واني لأعلنها كلمة صريحة حاسمة بأن الأردن سوف يبقى بجيشه وأبنائه وكل ما يملك من قوة وحول في خط الدفاع عن قضية العرب الاولى تزول الجبال ولا يزول الى أن يعود الحق الى أهله في الوطن السليب كاملا غير منقوص .

أجل ان نظرتنا الى قضية فلسطين تنبعث من صميم ايماننا بحق اخواننا وأهلينا في ديارهم ولم نجعل قضية فلسطين في يوم من الأيام سبيلا للدعاية والمساومة ومنبرا للتهريج ووسيلة من وسائل الصيد السياسي أو مجالا لفرض ارادة وتوسع أو تحكم ونفوذ ، بل اقتسما مع اللاجئين من ابنائها وغير اللاجئين لقمة العيش وحافضنا على كرامتهم التي هي كرامتنا لم نحتجزهم وراء الأسلاك ولم نمنعهم حرية التنقل ولم نحل بينهم وبين الأعمال والمناصب مهما سمت . واننا لعلى يقين من أن أبناء الأردن بضفتيه يشعرون شعورا لا يتطرق اليه الشك في أنهم شعب واحد يمده بالدم الفوار المتوثب قلب واحد هو قلب العروبة الصادقة وستسير الضفتان جنبا الى جنب ، حتى يحق الله الحق (ولينصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز) .

أما سياستنا الخارجية ، فهي انتداج لسياستنا التقليدية الثابتة المنبثقة عن مبادىء الثورة العربية التي ترمي قبل كل شيء الى توحيد كلمة العرب في ظل المساواة وتعاونهم في سبيل بناء مجتمع عربي قوي متين قادر على حفظ مصالحه واسترداد حقوقه وتأييد الحركات الاستقلالية في جميع البلاد العربية تأييدا فعالا .

حضرات الأعيان ، حضرات النواب ،

حينما وصلنا الى نيويورك طلب مقابلتنا وزير خارجية العراق معالي السيد هاشم جواد ودار حديث اشترك فيه رئيس وزرائنا ووزير خارجيتنا انتهى بالرغبة في أن تعود الحياة بيننا وبين العراق الحبيب الى ما كانت عليه من صفاء ووئام ، وهنا تبدت لنا مصالح الأمة العربية وما يمكن أن تجنيه من هذا التقارب بعد طول القطيعة ثم تراءت أمام أعيننا صور الشهداء من آلنا الأقربين من نساء وشباب ورجال ، فرأينا أن نجعل واجبنا نحو وطننا وأمتنا فوق عواطفنا ومشاعرنا الخاصة ، ضمدنا جراحاتنا العميقة بنداء الوطنية ودعاء القومية وخير الأمة العربية . فأبرقنا لرئيس وزرائنا بالنيابة نأمر بالاعتراف بالوضع القائم في العراق ولقد كان أعظم عزاء لنا أن الشعب العربي هنا والشعب العربي في كل مكان قد قابل هذه الخطوة المباركة بما تستحق من تقدير وثناء واكبار وبهذا ضرب الأردن للعرب مثلا في التسامح والصفح ، وبأنه دائما وأبدا ملكا وحكومة وشعبا يجعل واجبه نحو قومه ووطنه فوق كل اعتبار وبانه دائما وابدا يتقدم الى البذل والفداء والتضحية في سبيل العرب ولخير العرب .

أما قضية الجزائر فقد أوليناها اهتمامنا البالغ وساهمنا في كفاحها بكل ما استطعنا من عون مادي ومعنوي وسنمضي في تأييدها بجميع ما لدينا من وسائل حتى ينال اخواننا الجزائريون حقهم في تقرير مصيرهم حسب ما تنص عليه روح الأمم المتحدة .

أما علاقتنا الدولية فتقوم على مبدأ تأييد حرية الشعب ومقاومة الاستعمار والطغيان والمحافظة على استقلالنا وسيادتنا مفتدين وطننا بالمهج والأرواح . غير مترخصين في حق من حقوقنا ولن نخضع لأية اتجاهات تخالف عقائدنا ولن نرتبط بأية سياسات لا تتفق مع مصالحنا القومية مع الحرص التام على أن تقوم علاقاتنا مع سائر الدول على قواعد المساواة التامة والاحترام المتبادل .

حضرات الأعيان ، حضرات النواب ،

أما سياستنا الداخلية فتقوم على تدعيم بناء الوطن اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وبث روح الثقة والتعاون بين الشعب ومن هم في خدمة الشعب ورعاية مصالحه وتحقيق أهدافه ثم المحافظة على حريته وحقوقه ودفع غائلة المخربين والعناصر الهدامة عنه والسعي المتواصل لزيادة الدخل القومي ورفع مستوى معيشة المواطنين ، وفي سبيل ذلك تقوم سائر الأجهزة المختصة بدراسة وتخطيط عدد من المشاريع الاقتصادية تمهيدا لتمويلها والمباشرة في وضعها موضع التنفيذ.

أما ما تم في مجالات التنمية الاقتصادية منذ السنة المنصرمة فيتلخص بما يلي :

تم انشاء المصنع التجريبي لمعرفة أحسن الطرق لاستخراج البوتاس والعمل جار الآن لوضع التصاميم النهائية من أجل انشاء مصنع البوتاس الكبير بالاضافة الى دراسة استخراج البرومين من المشروع نفسه ، وانتهى معظم العمل في بناء مصنع الدباغة ومن المتوقع أن يبدأ الانتاج قبل نهاية العام ويجري الآن تركيب الوحدة الانتاجية الثالثة في مصنع الاسمنت التي ستضاعف انتاج الاسمنت في أواخر هذه السنة . وقد باشرت شركة مصانع الزيوت النباتية في انتاج السمن النباتي ويؤمل أن تسد حاجة السكان من ناتج هذه المصانع في أقرب وقت .

وازداد انتاج شركة مناجم الفوسفات زيادة ملحوظة ، ويتوقع أن يبلغ الناتج المصدر في هذه السنة ( 000و400 ) طن وسيباشر قريبا باستغلال الفوسفات الموجود في منطقة الحسا لاول مرة . أما مصفاة تكرير البترول الأردنية فقد تم انشاؤها وسيباشر في تكرير النفط خلال هذا الشهر، ويسرنا أن نعلن أن رأس المال المستثمر في الصناعة بلغ في هذا العام حوالي العشرين مليون دينار، بينما لم يتجاوز المليون في سنة 1950 .

وقد استمر العمل في فتح وتوسيع وتحسين شبكة الطرق الرئيسية في المملكة وتم انجاز تعبيد الطريق الصحراوي بكامله . كما سيتم انجاز الطريق الموصل بين صويلح وجرش ، وبذلك يصبح هناك طريق معبد رئيسي على أحسن مستوى فني يربط بين مدينة العقبة والحدو السورية مارا بمعان وعمان وجرش ، وسيباشر قريبا في توسيع وتحسين طريق البحر الميت - القدس أما الطرق الثانوية بين القرى فقد جرى فتح وتوسيع ما يقارب ( 180 ) طريقا منها .

وساعدت هذه المشاريع بما فيها مشاريع الأبنية على تشغيل ما يقارب تسعة عشر ألف عامل أكثرهم من سكان المناطق التي تضررت من رداءة الموسم الزراعي مما خفف الضائقة المالية التي حلت بهم بسبب الجفاف . وفي المجال الزراعي قامت وزارة الزراعة بالتعاون مع دائرة البحث العلمي الزراعي بارشاد المزارعين في كافة ميادين الارشاد العلمية، وبذلت جهدا كبيرا في مكافحة الأمراض النباتية والحشرات الفتاكة كما حققت نجاحا ممتازا في القضاء على غزوات الجراد المتكررة فجنبت البلاد أضرارا فادحة وقد عملت حكومتنا أيضا بنجاح لحماية الثروة الحيوانية من الأمراض الوافدة . والعمل جار الآن حثيثا في بناء المرحلة الأولى من مشروع قناة الغور الشرقية وتم حتى الآن شق النفق الذي يبلغ طوله حوالي كيلومتر .

وفي ميدان المواصلات التلفونية والبريدية أنشئت مقاسم وشعب بريدية جديدة في البلاد وتم حتى الآن تشييد بناء المقسم الآلي الجديد وتركيب جميع أجهزته ومعداته وسيباشر العمل به قريبا . أما ميناء العقبة فقد ازدهر العمل فيه وأصبح يستقبل شهريا عدد كبيرا من البواخر وباتت تجارة الأردن تعتمد على هذا الميناء هذا بالاضافة الى المباشرة في تنظيم مدينة العقبة على أسس فنية حديثة .

وحظي النقل الجوي باهتمام خاص. وعقدت اتفاقات مع بعض شركات الطيران العالمية لهبوط طائراتها في مطارات الأردن كما تبذل الجهود الآن لتزويد الخطوط الجوية الاردنية بطائرات حديثة وأدخلت تحسينات متنوعة الى المطارات.

أما السياحة فقد أوليناها النصيب الأكبر من اهتمامنا باعتبارها تشكل ركنا أساسيا من دخلنا القومي ونتيجة نشاط دائرة السياحة في تعميم الدعاية في الخارج وحسن الاستضافة في الداخل وحالة الاستقرار زاد عدد السياح في هذه السنة والدخل المتأتي من السياحة ازديادا كبيرا . وقد نالت الاذاعة نصيبا وافرا من اهتمامنا لما لها من أهمية ثقافية وفعالية في التوجيه القومي ، وجرى قبل شهرين افتتاح محطة الارسال الجديدة على الموجة القصيرة بقوة ماية كيلوات ، وسيتم قريبا تركيب الأجهزة التي يمكن بواسطتها ايصال صوت الأردن الى اخواننا المغتربين .

أما في حقل التربية والتعليم فقد اتجهت سياستنا الى رفع مستوى التعليم في المدارس الثانوية بزيادة صف سادس يغني الراغبين في دخول الجامعات عن المرور بالصفوف التوجيهية في الخارج وقسمت الدراسـة في الصفين الثانويين الأخيرين الى قسمين علمي وأدبي وزاد الاهتمام بالتعليم المهني الصناعي والتجاري والزراعي وشرع بتطبيق مناهجه بصورة أوسع فأحدث مدرسة صناعية في مدينة اربد وبوشر التعليم فيها هذا العام وتم افتتاح ثلاثة مشاغل زراعية للطلاب بالاضافة الى المشاغل الثلاثة الموجودة سابقا وشرع في تأسيس مدرسـة صناعية في نابلس وقد أسست كليتان للعلوم في عمان والثانية للمعلمات في رام الله وبدا التدريس فيهما .

هذا وان النية متجهة الى تأسيس كلية زراعية على مستوى جامعي تكون نواة للجامعة الأردنية في المستقبل . وتقديرا لما للآثار القديمة من أهمية سياحية وعلمية قامت دائرة الآثار بترميم بعض القصور الاسلامية والمدرج الرواني وقلعة عمان الأثرية والبتراء ونشطت بعثات التنقيب المختلفة للعمل في الأردن . أما من ناحية الخدمات الصحية فقد استمرت وزارة الصحة في مشاريع مكافحة السل والملاريا والتراخوما وشلل الأطفال والأمراض الجلدية وقد قامت مختبرات وزارة الصحة بانتاج المطاعيم الضرورية للبلاد ، وتم التبرع لأمر المنظمة الصحية العالمية بثلاثة ملايين جرعة مطعوم ضد الجدري سنويا أصاب لبنان الشقيق منها مليونا جرعة وتجري الاتصالات حاليا مع المنظمة الصحية العالمية واليونيسيف وبعثة العمل الأمريكية لاجراء تطعيم عام ضد شلل الاطفال في السنة القادمة .

أما في ميدان الخدمات الاجتماعية فقد واصلت وزارة الشؤون الاجتماعية جهودها في مساعدة الفقراء والمرضى والعجزة ورعاية الجمعيات الخيرية والأندية الاهلية والعناية بالأحداث الجانحين كما عملت على تأسيس عدد آخر من الجمعيات التعاونية كذلك أشرفت على تطبيق أحكام قانون العمل الجديد فيما يختص بالنقابات العمالية والعمال وشروط استخدامهم والتعويض عليهم ومكافأتهم بشكل عادل .

حضرات الاعيان ، حضرات النواب ،

تعلمون أن البلاد اصيبت بالقحط والجفاف في السنتين الاخيرتين وقد بذلت الحكومة أقصى جهدها في تخفيف الضائقة التي نجمت عن ذلك فبادرت في الحال الى تزويد القوى العطشى بالماء كما وزعت وستوزع كميات من الحنطة التي تبرعت بها الحكومة الأمريكية للمحتاجين مما خفف وسيخفف من أثر هذه الضائقة وقامت الحكومة باعفاء جميع المكلفين من ضريبة الأراضي والمواشي بالاضافة الى تأجيل القروض الزراعية وهي جادة الآن في تأمين البذار للمزارعين للسنة الزراعية القادمة .

وأسست سلطة مياه مركزية باشرت العمل فعلا من أجل استنباط المياه الجوفية وصيانة المياه السطحية وحفظ وتنظيم شؤون الري والعناية بمشاريع الري والسقاية في المدن والقرى على السواء . ومن المهم أن نعلم أن البناء الاقتصادي والعمراني والاجتماعي في كل بلد لا يكتب له النجاح الا في ظل احترام القانون والنظام وتوفر الأمن والاستقرار والتعاون التام بين السلطات المسؤولية والشعب ومن أجل هذا فان الحكومة ساهرة وعاملة على استمرار الهدوء والاستقرار في هذا البلد العزيز بكل حزم وصلابة وستضرب بشدة على يد كل من تسول له نفسه العبث بالقانون والنظام والسير في ركاب عملاء الهدم والفساد والالحاد واعداء العرب أو الانتماء الى الحزبية المستوردة من الخارج .

حضرات الأعيان ، حضرات النواب ،

ان قواتنا المسلحة بما في ذلك الحرس الوطني و درع البلاد وأمل العرب واننا بمزيد الاعتزاز نفاخر بما تتحلى به من الخلق العسكري الرفيع وقوة الشكيمة والمستوى العالي في التدريب ، وستظل بعون الله كما كانت أهلا للأمانة في الصمود أمام كل الأخطار حفاظا على بلدنا والوطن العربي كله ، ولهذا فنحن نوليها كل عنايتنا واهتمامنا لتزويدها بما تحتاج اليه من سلاح ومعدات تمكنها من القيام بواجبها المقدس على الوجه الأكمل ، ولن ننسى أن نشيد بما تقوم به قوات الأمن العام من جهد مشكور في أداء واجبها على أتم الوجوه .

حضرات الاعيان ، حضرات النواب ،

ان هذه المرحلة التي نفتتح بها هذه الدورة العادية لمجلس الأمة تتطلب منا التعاون الكامل الصادق بين مختلف سلطات الدولة وبينها وبين مختلف فئات الشعب لخدمة البلاد والسهر على مصلحتها . فعلى الرغم مما حققناه بعون الله فاننا ما زلنا في أول الطريق ، وان تحقيق ما نصبو اليه من خير لبلدنا وللوطن العربي كله يقتضي منا مضاعفة الجهد حتى نعوض ما فاتنا ونؤمن لشعبنا الرفاهية والمنعة ومستقبلا أفضل ، سائلين المولى عز وجل أن يهدينا جميعا سواء السبيل وأن يأخذ بيدنا الى ما فيه الخير والبركة والتقدم لأمتنا ووطننا انه سميع مجيب .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته