مجلس الأمة
نسخة للطباعة

بســم اللـــه الرحمــن الرحيــم

والصلاة والسلام على رسوله الامين

حضـرات الأعيان ، حضرات النواب

باسـم الله نفتتح الدورة الخامسة لمجلس الامة الاردني التاسع ، ونتطلع الى لقاء أسرتنا الاردنية الواحدة من خلال مجلسكم الموقـــر لننظر فيما قدمناه لها ولامتنا من واجبات ومسؤوليات وأعمال . ونحن علــى أقوى اليقين بأن يوم البرلمان سيبقى على الدوام علامة كبرى في مسيرة أردننــا ورمزا لمبدأ الشورى الذي اراده الله لنا سبيل خير ونجاح ومنهاج رشـــد وفلاح .

لقد كنت اتمنى لو ان لقاءنا هذا قد جاء وفقا لما كنا نرغب فيه جميعا ونريده لا على الصورة التي ارادها البعض من أهل الغدر والخيانة ان تكون .

فقد غاب من بيننا منذ أيام ابن بلدنا البار ورجل الفكر الحر والعقيدة الراسخة دولة رئيس وزرائنا السابق المغفور له السيد وصفي التل . غيبته عنا مؤامرة دنيئة نسجت خيوطها نفوس يستهدف أصحابها فيما يستهدفون اطفاء الشعلة المقدسة للوحدة الوطنية لشعبنا الصامد المكافح في الضفتين خدمــة لاعدائنا واعـداء أمتنا واعداء القضية المقدسـة العادلة . ونفذتها اياد مأجورة لم يعرف أصحابها طعم الرجولة والشرف ولا ذاقوا مع محرضيهم ومستأجريهم مذاق النضال الصادق في سبيل فلسطين . فسقط بالرصاص الغادر فقيدنا الغالي ورفيق دربنا الامين وهو في اوج اندفاعه لتحقيق أماني بلده في توحيد صفوف أمته وحشد طاقاتها وقدراتها لمواجهة تحديات المرحلة واخطارها الكبار . ولان الشهادة في سبيل الله والوطن والقضية هي رأس الامنيات عند كل مواطن في بلدنا .

ولان الاستمرارية هي احدى الخصائص الاصيلة لنظام الحكم في بلدنا الامين فقد تم بعون الله تأليف الوزارة من جديد مع الاحتفاظ بأعضاء فريق الوزارة السابقة بكامل اعضائه واعتماد منهاج العمل المرسوم للوزارة السابقة منهاجا للوزارة الجديدة .

ولاننا ذهبنا الى الجامعة العربية انطلاقا من ايماننا بالرسالة التي نحرص أن تنهض بها وشاركنا في أعمال مجلس الدفاع العربي انطلاقا من قناعتنا بخطورة مهمته وقدرتنا على الاسهام البناء في خدمة تلك المهمة وواجبنا في خدمتها بالجرأة التي عرفها العالم عنا والاخلاص القائم على قناعاتنا القومية الثابتة فقد رأيت أن يستأنف بلدنا دوره في المشاركــة الفعالة على الفور . وتوجه وفد الاردن الى القاهرة بعد دقائق من تشكيل الحكومة الجديدة .

وانني من موقفي هذا اليوم بينكم لاتوجه باسمكم جميعا بأعمق الاعتزاز واجل التقدير الى أهلنا الصامدين في الضفة الغربية من أردننا المنزرعين في كل جزء من ارضنا العربية في القدس ونابلس والخليل وفي قطاع غزة وسيناء والجولان . واننا لعلى أوثق الايمان بأن محاولات الشر ستتكسر على صخرة صمود شعبنا وأن المخططات المعادية جميعها ستنتهي بالفشل وتبوء بالخسران ازاء ثبات الاهل غربي النهر أما نحن هنا شرقي النهر فقد آلينا على أنفسنا كل في موقع المسؤولية التي يحملها ان نعيش هموم وطننا المحتل يوما بيوم وساعة بساعة لتتقدم صفنا وتحمي مسيرتنا قواتنا العربية الاردنية المسلحة التي لا تهدأ جحافلها ولا تسكن كتائبها فهي في حركة دائمة يغنيها الاستعداد ويحدوها الاعداد لاداء الواجب لينمو بنموها الامل ويشتد اليقين بحتميــة التحرير وانتصار الرسالــة رغم الاعاصير . مشدودة ابصارهــا مع ابصارنا الى الاقصى والقيامة والمهد وعامرة قلوبها وقلوبنا بالعزم والثبات ومفعمة افئدتها وافئدتنا بالايمان والتصميم على النضال والجهاد في سبيل الله والثقة بالنصر المبين ، ومن وراء هذه القوات يشد أزرها ويرفد منعتها شعبنا الوفي موحد الصف راسخ العقيدة قوي البنيان . وتكتمل الصورة في طول البلاد وعرضها في عناق بندقية الجندي ومعول الفلاح ومطرقة الصانع وساعد العامل وفي التقاء مطامح الشباب وأشواق المجاهدين وآمال الاجيال .‎

حضـرات الأعيان ، حضـرات النواب

لقد ظلت حكومتي وفية للمباديء القومية التي عاش لها بلدنا طول حياته وحملت المسؤولية ملتزمه بأهدافنا العربية لا تحيد عنها مهما اعترض ركبنا من عوائق وصعاب متمسكة بأن قضية فلسطين ستبقى قضية العرب أجمعين . وهم مطالبون بحشد طاقاتهم في سبيلها وتجنيد امكاناتهم دفاعا عنها . الى جانب ذلك لم تتبدل عقيدتنا بأن قضية فلسطين بالنسبة لنا هي قضية حياة أو موت ومسألة وجود للكيان العربي في فلسطين أو لا وجود .

ومن هنا كان حرصنا على استقطاب كل ذرة من طاقاتنا القومية لخدمة القضية ووضعها في الموضع الصحيح من المعركة التي نعتقد بحتميتها ما بقيت الصهيونية ممعنة في تنفيذ مخططاتها وأطماعها غير المحدودة في الارض العربية ومتنكرة لشرعة الامم المتحدة ومستخفة بقراراتها اذ لا يستقيم ان يقوم سلام مع الاحتلال والتوسع والعدوان . وفوق ما حمل الاردن نفسه من جد موصول في مواجهة الخطر الصهيوني بما يملك هذا البلد من قوة واقتدار فانه لم يترك فرصة الا أرسل من خلالها الصيحة تلو الصيحة الى قادة العرب يدعوهم الى الاجتماع على رأي واحد ينطلقون منه صفا واحدا يضع حدا للاحتلال ويفك اسر الاهل ويعيد الاقصى والقيامة مهوى لافئدة المؤمنين من مسلمين ومسيحيين ومحجا لكل المؤمنين في هذا الوجود .

وطوال عام مضى توجهنا نحو اخواننا ملوك العرب وقادتهم بقلوب مخلصة ومددنا اليهم أيدينا صادقة وفية وناشدنا من أبناء أمتنا العربية ضمائرهم الحرة الابية مرات ومرات وما كان لنا من هدف سـوى مصلحة العرب ولم تكن لنا من غاية سوى مرضاة الله وقد تهيأ لنا لقاء مع اخواننا جلالة الفيصل وسيادة الرئيس السادات وجلالة الملك الحسن وكانت لنا اجتماعات بالعديد من رؤساء الدول العربية والاسلامية والصديقة في مغارب الارض ومشارقها وكان آخرها ما أتاحته لنا زيارة ايران والتقاؤنا بجلالة الاخ الامبراطور محمد رضا بهلوي والكثير من اخواننا الملوك والرؤساء والقادة . كان همنا دائما تبصير قادة الدنيا بمأساة أمتنا وما يعاني المحتل من وطننا وما يشكل استمرار احتلاله من خطر على السلام في العالم برمته وقد تحركت الدبلوماسية الاردنية تحركا كبيرا في عرضها لقضية القدس على مجلس الامن حيث اجمع العالم على التنديد بمواقف اسرائيل وسياستها ودعاها الى الكف عما تقترفه من أعمال في تغيير وجه القدس العربي وتشويه معالمها وحضارتها العريقة اسلامية كانت أو مسيحية وقد كان لذلك الموقف الجماعي من مجلس الامن صداه الواسع في دعم الحق العربي عند الامم والشعوب المؤمنة بالحق والحرية والسلام .

حضـرات الأعيان ، حضـرات النواب

رغم ما كان يغشى سماء العلاقات العربية من غيوم مبعثها الخلاف في الاجتهاد والرأي فقد واصلت حكومتي مساعيها الصادقة خدمة لقضيتنا الكبرى ولكل قضية عربية . فكان أن قام عدد من وزراء الخارجية والمسؤولين العرب بزيارات لبلدنا كما زار وزير خارجيتنا وعدد من المسؤولين الاردنيين عددا من الاقطار العربية وكان من نتائج هذه التحركات انعقاد مؤتمر وزراء الخارجية العرب في القاهرة وما تجلى فيه من اتفاق معنا في نظرتنا الى تقييم الموقف الدولي واجماع على ضرورة دعم خط المواجهة مع العدو المحتل وتأكيد على ضرورة عودة العلاقات العربية الى مجراها الاصيل ايمانا بأن صفاء هذه العلاقات يشكل الحد الادنى الذي يمكن معه الاستعداد لمواجهة الاخطار والتحديات. ولا شك عندنا في انه كان نتيجة حتمية لبعثرة الجهد العربي أن يبقى قرار مجلس الامن الذي قبلنا به صيغة للتسوية السلمية متعثرا في أروقة الامم المتحدة لا يجد من يؤثر على اسرائيل بقبوله وتنفيذه . ما دام أهل القضية متفرقين في الرأي زالجهد متفاوتين في مدى الرؤية والمسؤولية ، وهنا يكمن السبب في بقاء الاحتلال قائما حتى الان وفي تفاقم الاخطار التي تتهدد الوجود والمصير العربي سواء بسواء .

حضـرات الأعيان ، حضـرات النواب

لقد كان النضال وسيبقى عنوان وجودنا وشعار مسيرتنا حتى يعود حقنا العربي في فلسطين . وسيظل هذا قدرنا الذي نعيشه بأمانة ويتحدد معه بوضوح دورنا في كل صعيد وميدان . العمل عندنا صنو الجندية والانتاج قوام الصمود والبناء هنا وهناك سبيل الحشد والنظام سلاح النصر والامن والاستقرار وسيلة البذل ومنهل العطاء . والوحدة الوطنية أساس لكل ما نرجو بلوغه من أمان واهداف .

ولقد كتب على هذا البلد ان يظل يفدي أمته ويحمي ثغورها فكان القلعة الامامية في مواجهة الخطر لم ينثن عن اداء رسالة الثورة العربية الكبرى ، رسالة الوحدة والحرية والحياة الافضل ، ومن هنا كان ما حققه هذا البلد من نموذج أمثل لتجسيد معنى الوحدة في وحدة الاردن بضفتيه ومبادرته الى مباركة كل وحدة خالصة للخير تجمع بين هذا القطر أو ذاك من بلاد العرب ايمانا منه بأن الوحدة العربية الشاملة آتية لا ريب فيها مهما امتد الزمان ومهما طال المسير . ومن هنا كان ذلك استنكار أردننا بشدة لكل المحاولات الرامية الى خداع أهلنا في الضفة الجريح واستدراجهم للوقوع في شرك مؤامرة الحكم الذاتي تارة أو التلويح لهم بدولة مسخ تصطنع في جزء من الوطن المحتل تارة اخرى معتبرين مثل هذه الدعوات نشازا لا وجود لها الا في احلام الداعين اليها في دهاليز التلون والانتهاز والظلام وكان واجبنا مقابلة ذلك بالرفض معلنين هذا اليوم ما كنا أعلناه ، وهو ان للشعب العربي في فلسطين بعد تحرير أرضه الحق الاول والاخير في تقرير مصير واختيار النهج الذي يرتضيه .

حضـرات الاعيان ، حضـرات النواب

ويتجلى حرص حكومتي على تحقيق أقصى قدر من الحشد للمعركة في جبهتنا الداخلية في سعينا ومباركتنا واياها لاسس الوحدة الوطنية ومعطياتها من خلال مباديء عامة يلتقي عليها ابناء وطننا كل في الميدان الذي يفسح له الخدمة والعطاء . من هنا انبثقت دعوتنا الى الاتحاد الوطني الاردني وما اشتمل عليه ميثاقه من مباديء واهداف جاءت كما نبتغي نابعة من مناهل حضارتنا ومستندة الى أصيل تجاربنا ونحن أمة أعطت الدنيا واخذت منها خير ما تعطي وما تأخذ متمسكين بتجربتنا الاردنية التي أردناها مثلا في اصالتها وتجددها منفتحة ابدا على الدنيا كلها تشق طريقها وسلاحها الايمان بالله وبالحق والخير ووسيلتها العلم والعمل والعطاء ونصب اعيننا ما يواجه اجيالنا وشبابنا ومجتمعنا في هذه الدنيا من مطالب وتحديات .

حضـرات الأعيان ، حضـرات النـواب

لقد حالف حكومتي التوفيق في ترسيخ اسباب الامن وسيادة القانون واحترام النظام واعادة الصورة الزاهية التي عرف بها وطننا على مدى الايام والسنين موئلا للمروءة والاخوة وواحة للثقة والامان وما كنا لنبلغ مثل هذا الهدف لولا وعي شعبنا وتجاوب أبناء وطننا واسهام كل مواطن بنصيبه في هذا السبيل .

وانني بلسان كل فرد من أفراد أسرتنا الاردنية لاتوجــه الـى رجــال قواتنا المسلحة البواسل واخوانهم رجال الامن العام الاوفياء بما هم اهله من تقدير وعرفان ذاكرين لهم ما افتدوا به وطننا العزيز من نفوسهم الطاهرة ودمائهم الزكية وما وفروا لبلدنا الغالي بسهرهم الموصول ويقظتهم الدائمة من طمأنينة وأمان .

ولم تتردد الحكومة في مواصلة سياستنا الدائمة نحو قواتنا المسلحة الباسلة أمل الامة وسياج الوطن وعدة المستقبل فتعهدتها بأقصى ما سمحت به امكاناتنا من اعادة لبنائها واستمرار في تسليحها واعدادها حتى بلغت بعض المكانة التي نريدها لها اعدادا وتسليحا فيما تنتظم صفوفها المعنويات العالية ويجيش في صدور جندها من الاماني والامال وفيما يتأجج في ضمائرهم من حنين وطموح لن يخمد أو يهدأ والوطن محتل والاقصى أسير .

حضـرات الأعيان ، حضـرات النـواب

لقد قامت الحكومة في المجال الداخلي بدراسة شاملة لاجهزة الدولة واستقصت مواطن الضعف والعجز والثغرات فيها . وســارت خطوات واسعــة في برنامجها لاصلاح الجهاز وتنظيمه على ضوء الكفاءة في العمل والاخلاص في الواجب والالتزام بروح المسؤولية والجدية والاتصاف بالفعالية والانضباط وتجنيد كل طاقة وجهد في خدمة الوطن والغيرة على مصالح المواطن . ومن اجل بلوغ هذه الاهداف كان لا بد من السير في التخلص من العناصر العاجزة التي فقدت دواعي النمبادهة والفعالية والهمة كما كان لا بد من اقصاء العناصر التي تشوب سلوكها شائبة من سوء أو انحراف . كما جرى مسح واسع للكثير من القوانين والانظمة لتطويرها وتحديثها ونفض الغبار عنها وتخليصها من التداخل والازدواجية وتهيئتها لاستيعاب متطلبات النهوض والتطور كما كان لا بد من سن بعض القوانين لدفع المسيرة في مجالات التخطيط والتقسيم ومواكبة برامج الخدمة والبناء كما قطعت الحكومة مرحلة واسعة في دراسـة جذرية لارتباط الوزارات والدوائر والمؤسسات في اطـار من تجربــة الماضي ومتطلبات المستقبل وتحديد الاختصاص والهدف والمسؤوليات .

ومن خلال حرصنا على أن يكون نهوض مجتمعنا متوازيا وشاملا أصدرنا قانون مجلس العشائر ليكون عونا لنا وللمسؤولين في وضع البرامج السليمة لتوصيل الخدمات الى البادية وتغطية حاجة عشائرنا في مجالات المياه والطرق والمواصلات والصحة والزراعة ومختلف الشؤون والخدمات .

وقد بلغت طاقة بلدنا هذا العام أقصى مداها حيث زاد عدد الطلاب في مدارسنا على ستمائة الف طالب وطالبة وتلك نسبة عالية تزيد على 27% من عدد لسكان في مملكتنا كما استهدف مخطط حكومتي في مجالات التربية والتعليم ورعاية الشباب ربط اجيالنا بقيمنا الروحية وتراثنا الاصيل مع الاهتمام الكبير ببناء الاجسام واغناء العقول بالفكر والمعرفة الشاملة حتى تتسق عملية التربية وحدة متكاملة في البيت والمدرسة والمسجد والمجتمع كله .

ولا بد هنا من اظهار بعض الملامح والقسمات مدعومة بالحقائق والارقام لنبين منها بعض الجهد الذي بذلته الحكومة في هذا المجال حيث تم لها افتتاح 766 شعبة جديدة للمرحلة الالزامية و 76 شعبة للمرحلة الثانوية واستخدمت نيفا وألف معلم ومعلمة وتهيأ لها قبول ما يقرب من الفي طالب وطالبة في المدارس الثانوية المهنية من زراعية وصناعية وتجارية وفي مراكز التدريب المهني ، كما تحققت زيادة كبيرة في صفوف المبعوثين الذين وصل عددهم الف ومائة وخمسين مبعوثا وقد تولت الوزارات المعنية تنظيم المبعوثين في برامج توعية وتعريف على وطنهم وقضايا أمتهم . كما رأت الحكومة ان عملية رفع مستوى التعليم تتطلب تأهيل المعلمين فأنشأت معهدا للتأهيل ينتسب اليه المعلمون وفق برامج تستوعب أكثر من ستة آلف معلم ومعلمة كما بلغ عدد مراكز تعليم الكبار ومحو الامية مائتي مركز تضم اربعة آلاف دارس ودارسة .

وفي مجال الاستعداد والتخطيط للمشاريع التربوية فقد وافق البنك الدولي على تنفيذ عدد من المشاريع التربوية الهامة وفي مقدمتها مشروع المعهد الفني الهندسي ( البوليتكنيك ) ومشروع المركز القومي للتدريب المهني ومعهد المعلمين وعدد من المعاهد والمدارس الثانوية الشاملة . ولم تدخر الحكومة جهدا في دعم جامعتنا الاردنية فزادت مخصصاتها لتمكينها من استيعاب اكبر عدد من أبنائنا خاصة طلاب الضفة الغربية ولمواجهة متطلبات التوسع في انشاء كليات جديدة في طليعتها كلية الطب كما تحقق انضمام كلية الشريعة الى كليات الجامعة الاردنية في حرم واحد حيث ترتفع أركان جامعتنا حارسا أمينا على نهضتنا وأملا مرجوا لبعث تراثنا ونافذة نطل منها على ما عند الامم والشعوب من علم وعرفان.

ولقد بنت الحكومة سياستها في مجال الزراعة على ربط المواطن بالارض واعتبار اصلاحها عاملا أساسيا في حقيقة الصمود واحراز النصر . من هنا توسعت الحكومة في حجم الخدمات للمزارعين وأعادت تنظيم وتشكيل مؤسسة التسويق الزراعي وأولت الثروة الحرجية عناية كبرى وفق خطة مرسومة ليسهم فيها المزارع والجندي والطالب وكل مواطن كما اتمت تشريع قانون لصيانة ومضاعفة الثروة الحرجية وقانون آخر لاستغلال المساحات الشاسعة من بوادينا وأراضينا الشرقية في تنمية المراعي والثروة الحيوانية والحفاظ على البيئة واستغلالها على أحسن صورة . كما تم انجاز كل مراحل الدراسات والتصاميم المتعلقة بسد الزرقاء وقد احيل عطاء تنفيذه بعد ضمان التمويل اللازم لمواجهة تكاليفه .

حضـرات الأعيان ، حضـرات النـواب

لقد نجحت الحكومة في مواجهة مسؤوليتها نحو حاجة الوطن الى المال لدعم صموده ومتابعة نهضته فاتخذت من الاجراءات القانونية والاداريــة ما ضمن لنا مستوى أعلى من الواردات وتحصيل الضرائب والحيلولة دون التهرب من ادائها في اوقاتها ومقاديرها وقد أحرزت هذه السياسة نتائج ايجابية تعكس حقيقة وعي المواطنين وصدق وطنيتهم وايمانهم ببلدهم . وفي مجال نلمس افضل الوسائل لزيادة واردات الدولة فقد قامت الاجهزة المختصة في وزارة المالية والاقتصاد والبنك المركزي ومجلس الاعمار بتعاون متكامل لمواجهة الاعباء المالية التي ترتبت على توقف جانب من الدعم العربي للاردن . واشتركت هذه الاجهزة في وفود مالية واقتصادية فقامت بعدد من الزيارات للعديد من الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية وقد كان لهذه الجهود أثرها في مجال الدعم المالي والقروض ومشاريع التنمية في بلدنا . ولا بد من التنويه بمبادرة المواطنين والمؤسسات الوطنية لشراء سندات التعمير التي اصدرتها الحكومة مما يدل ليس على ادراك الاخوة المواطنين لمسؤوليتهم نحو وطنهم فحسب بل يقوم شاهدا على وعيهم لجدوى الاستثمار في مثل هذا المجال المتصل بخدمة الوطن وبنائه . كما كان حرصنا شديدا على تعويض المتضررين في قطاع البناء بنسبة حددتها الامكانات المالية وستوالي الحكومة عند توفر المزيد من المال خطتها في التعويض حتى تشمل جميع القطاعات كما ان اخراج مؤسسة التأمين الوطنية الى حيز الوجود سوف يسهم في معالجة جانب كبير مما يتعرض المواطنين له من خسائر واضرار . ولم تدخر الحكومة جهدا في دفع عجلة الاقتصاد الاردني الى الامام واعادة الحيوية والنشاط الى مؤسساته المختلفة .

وقد دعمت الحكومة شركة مناجم الفوسفات باعتبارها مرفقا هاما من مرافق الوطن ومجالا حيويا لاستغلال ثرواته الطبيعية واستطاعت سد كثير من الثغرات التي كانت السبب في تعثرها .

وفي مجال تشجيع المصانع والصناعات الصغيرة بلغت مساهمة القطاع الخاص واستثماراتــه حوالي مليوني دينار في اطار من الحرص علـى حمايــة الصناعة الوطنية ومصلحـة المستهلك وجودة هذه الصناعة كما ساهمت الدولــة في توفير المواد الغذائية الرئيسية ومحاربة الاستغلال في قطاع التجارة . وقد اتمت الدوائر المعنية تنفيذ المرحلة الاولى من برامج تنمية الطاقة الكهربائية في محافظة اربد وبدأت في تنفيذ مشروع تقوية وتحسين اجهزة النقل والتوزيع والتحويل في مدن وقرى منطقة عمان الكبرى . كما تابعت الحكومة برامجها في الخدمات جميعها فأنجزت مستشفى عمان الكبير مزودا بأحدث الاجهزة وأكمل المعدات وهيأته لاستقبال المرضى في مطلع عامنا الجديد وتوسعت في حملات التوعية الصحية والطلب الوقائي وفتحت ثمانية مراكز طبية في كل من وادي موسى والشوبك والقويرة وذيبان وصويلح وسما اسدود ووادي السير وأنشأت عشر عيادات قروية جديدة وقامت بتنفيذ سبعة عشر مشروعا من الطرق الرئيسية في المملكة منها طريق معان - المدورة وطولها (130) كيلومترا وطريق الزرقاء- الازرق وطولها (70) كيلومترا وأتمت فتح وتعبيد وتزفيت (200) كيلومتر من الطرق الاخرى وفرشت بالخلطة الاسفلتية (126) كيلومترا وأنجزت ستين مشروعا للابنية الحكومية وتوسعت في شبكة الطرق القروية والريفية وبدأت بتنفيذ عدد من مشاريع الطرق الهامة منها طريق عمان - عين غزال - الزرقاء وهو اول اوتوستراد في الاردن وطريق عمان الدائرة من ماركا الى أم الحيران وطريق العقبة - الحدود السعودية على البحر الاحمر .

كما اتسع مجال الخدمة الاجتماعية بتأسيس مركز التأهيل والتدريب المهني في الكرامة لايواء ورعاية المتسولين واستمرار دعم الحركة العمالية وتنظيمها في اطار من قانون العمل الجديد .

وفي نطاق تطوير الحكم المحلي وتوسيعه تم انشاء ستة مجالس بلدية وثمانية عشر مجلسا قرويا وتم فتح وتعبيد وتزفييت (330) كيلومترا من الطرق القروية وأنشئت (44) مدرسة وانجزت ثمانية مشاريع مياه وزودت ثلاث عشرة قرية بالتيار الكهربائي كما سيصل الماء والكهرباء الى قرى تلاع العلي وخلدا ومنطقتها واصدر صندوق قروض البلديات قروضا بلغت مليون دينار لتمويل (390) مشروعا من المدارس والمياه والطرق والاسكان والكهرباء . وحفرت سلطة المصادر الطبيعية (22) بئرا ارتوازية بلغت طاقتها في الساعة الف متر مكعب ضمنت وصول الماء الى عدد من المدن والقرى والعشائر كما اجرت التجارب على (50) بئرا اخرى تبلغ طاقتها الانتاجية خمسة آلاف متر مكعب في الساعة سوف تستخدم لمياه الشرب والري . وكان مؤتمر البلديات فرصة لتقييم محطات مدننا وقرانا وتحديد العوامل والابعاد المؤثرة في نهضتها ونموها من النواحي التنظيمية المالية والاداريــة القانونيــة . واسهاما في معالجـة مشكلـة السكن انجزت مؤسسـة الاسكان معظم المشاريع التي كانت قيد التنفيذ في عمان والزرقاء واربد وخططت لمشاريع جديدة تقيمها في معظم المدن والمناطق والارياف .

وقطعت مراحل تحديث الادارة خطوات ملموسة واعيد النظر في نظام التقسيمات الادارية ويسرت الترتيبات الادارية حصول المواطن على جواز السفر خلال يوم واحد مما مكن مديرية الجوازات من اصدار اكثر من مائة الف جواز سفر خلال هذا العام .

وفي مجال النقل والمواصلات كاد العمل ان ينتهي في انشاء مطار العقبة وتجهيزه وتقرر السير في مشروع سكة حديد حطية - العقبة وسيبدأ العمل في تنفيذه في مطلع العام الجديد كما صدر قانون انشاء المؤسسة السلكية واللاسلكية الذي يؤمل ان يحل كثيرا من المشاكل الادارية والفنية المتعلقة بهذه الخدمة الحيوية . الى جانب انجاز عدد من مشاريع المواصلات الجوية وفي مقدمتها المحطة الارضية للاقمار الصناعية واعداد مشاريع مقاسم في كل من عمان والسلط والعقبة ورفع مستوى الخدمات البريدية في كثير من المدن وتعميمها على القرى والارياف . كما بدىء بتنفيذ مشروع الميكروويف في منطقة عمان وفي منطقتي الشمال والجنوب حيث ستربط اربد ومعان والرمثا والكرك والعقبة بعمان. كما بدأت المراحل التنفيذية لتقوية البث التلفزيوني لتغطية مختلف مناطق المملكة وزيادة البث الاذاعي ليصل صوت الاردن قويا واضحا الى كل بقاع وطننا العربي كما قامت وزارة الاعلام بانشاء المؤسسة الصحفية كرافد من روافد الاعلام .

حضـرات الأعيان ، حضـرات النـواب

ان ايمانــا بحتميـة التعاون العرب لا حدود له لانه أبسط مظهر يجسد عقيدتنا القومية ورسالتنا العربية ولان هذا التعاون ضرورة لازمة نتسلح بها في وجه المعركة التي فرضتها الصهيونية علينا منذ أغتصبت أرضنا واحتلت ديارنا هذا الموقف العربي يلزمنا بواجبات قومية في تعاملنا مع كل دولة عربية على اساس من الثقة والوفاء والاخوة الخالصة .

كما ان حكومتي لم تتوان في بناء امتن الروابط والجسور في علاقاتنا الاخوية مع الدول الاسلامية وهي تنشد فوق روابط العقيدة كسب المزيد من الدعم لقضيتنا والفوز بالانصار الى جانب حقنا في فلسطين .

وقد استمرت جهودنا تستهدف تمتين علاقاتنا بالدول الصديقة وتجنيد هذه العلاقات في نصرة قضايا امتنا وفي مقدمتها قضية فلسطين ومهما يكن سلطان الامم المتحدة في تمكين اسباب العدل واعلاء شرعة الحق فاننا لم نتردد يوما في اللجوء الى منبر الهيئـة الدوليـة ندافع منـه عن حقوقنا وننتصر لحقوق كل الشعوب المحبة للحرية والعدل والسلام .

حضـرات الأعيان ، حضـرات النـواب

ان حساب المعركة مع الاعداء يجب ان يقوم اولا وقبل كل شيء على مقدار عزمنا ويعتمد على طاقتنا وعلى ما تجنده امتنا من قوة وامكانات في هذا السبيل لان العدو المحتل لا يدين الا للقوة فليكن ما نبنيه وما نعـده من قوة ومضاء طريقنا الى السلام والظفر والنصر .

وفي هذه المرحلة الدقيقة التي تجتازها أمتنا يشتد ايماننا وتمسكنا بالحق وبالسير على طريقه مهما يكن ذلك الطريق شائكا وعرا فالمسؤولية امام الله والاجيال امانــة ارتضينا حملها ولا نبتغي من وراء ذلك خدمـة الامـة مؤمنين بأن التاريخ لا يحابي ولا يرحم في حكمه وستبقى امانة المسؤولية عندنا فوق حب الذات وابقى من كل جاه وسلطان .

وان حجر الزاوية اولا واخيرا هو وحدة هذا الوطن بجنده وشعبه وتعبئة قواه مدعوما بوحدة امتنا واستعدادها للعمل والبذل والعطاء . وانني اذ افتتح هذ الدورة على بركة الله لموقن بأن التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية هو عقيدة كل منكم من اجل خير اردننا الغالي واستعادة حقنا في فلسطين وبلوغ اهدافنا السامية اهداف العرب اجمعين .

" وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون " صدق اللــه العظيم .

والسـلام عليكـم ورحمـــة اللـــه وبركاتـــه .