مجلس الأمة
نسخة للطباعة

الحسـين بـــن طـــلال
خطـــاب العــــرش
فــــي
افتتاح الـدورة العاديـة الثالثـة
لمجلـس الأمـــة الأردني الحـادي عشـــــر



يــــوم الأحـــــد

الواقـع في 25 جمـادى الأولى 1412 هجريـــة

الموافـق 1 كانـون الأول 1991 ميلاديــــة

‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎‎بســم اللـــه الرحمــن الرحيـــم

حضــرات الأعيـان، حضــرات النــواب،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

بسم الله العزيز الحكيم، أفتتح هذه الدورة العادية الثالثة لمجلس الأمة الاردني الحادي عشر، وأحمده تعالى أن من علينا بالتوفيق ونحن نتصدى جميعا لمسؤولية حماية هذا الوطن العزيز، والنهوض به، وتأسيس قواعد المسيرة الديموقراطية الواعية، والتعددية السياسية، والحريات العامة المسؤولة، الملتزمة أبدا بالدستور نصا وروحا، وبالميثاق الوطني اطارا وصيغة شاملة للحياة والعمل والبناء، من أجل منفعة الوطن ووحدة ابنائه، على اختلاف أحوالهـم ومذاهبهـم، نحـو مستقبل مشرق وآمن، تزدهر فيــه الآمال، ويحمل كل فرد من أبنائه أمانة المسؤولية والعمل، بما يكفل بناء الاردن النموذج، ويحصنه ضد أسباب التخلف والتصدع، ليغدو واحة آمنة مزدهرة، وجبهة مستعصية على الاختراق.

حضرات الأعيان، حضرات النواب،

لقد تولت حكومتي المسؤولية في ظروف تقدرون دقتها، وأردت لها أن تنهض بالمسؤوليـة الملقاة علـى عاتقها فــي مناخ من الحريــة والتسامح والنزاهة، وفي اطار الالتزام الكامل باحترام الدستور والميثاق الوطني وسيادة القانون، والعمل من أجل تحقيق الأهداف الوطنية التي يتطلبها الاصلاح الشامل على أسس منهجية علمية في مختلف مجالات الحياة. وتنفيذا لذلك، فان حكومتي تتطلع الى التعاون مع مجلسكم الكريم للاسراع في انجاز القوانين اللازمة نتيجة الغاء الاحكام العرفية وتنظيم التعددية السياسية وحريات الرأي والتعبير والصحافة، وغيرها من التشريعات التي قدمت الى مجلسكم الكريم. وان انجاز ذلك كله سيكون علامــة على نضج التجربة، وعمق الوعي، والتقدم نحو التحديات بنسيج وطني متلاحم له سمات العصر الجديد حريــة ومعرفــة وديموقراطيــة والتزاما بحقوق الانسان، وحمايــة للوطن وانجازاته، ووفاء للآباء الذين عملوا كل ما بوسعهم من أجل عزته ومنعته.

(تصفيق حاد جدا)

حضــــرات الأعيـــان، حضــــرات النــــواب،

وفي الوقت الذي كانت فيه حكومتي قد بدأت بوضع الخطط والبرامج، للتعامل مع نتائج أزمة الخليج وانعكاساتها وآثارها على الواقع الأردني، اقتصاديا واجتماعيا وتعليميا، وغير ذلك من الآثار التي تعلمونها وتدركون أبعادها، واجهتها مستجدات سياسية على المستويين الدولي والاقليمي، وأبرزها التحرك السياسي الدولي، صوب فكرة عقد مؤتمر للسلام.

ولما كانت قضية السلام بالنسبة لنا، التزاما أكدناه في شتى المواقف والمناسبات، وركيزة ثابتة للسياسة الاردنية منذ عقود طويلة على أساس الثوابت المستندة الى الشرعية الدولية، ممثلة بقرارت الأمم المتحدة، لتحقيق سلام عادل ومشرف، يضمن للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية ممثله الشرعي والوحيد، كما يوفر الأمن والسلام لسائر دول المنطقة وشعوبها، فقد استجابت حكومتي لدعوة المشاركة في مسؤولياتنا نحو شعبنا وأمتنا، ونحو الأجيال القادمة، ومساهمة منا في الجهود التي لا بد من أن تصل باستنادهــا الى الحق والعدل، الى تحقيق مصلحة الشعب الفلسطيني. هـــذا الشعب الشقيق الذي التزمنا دائما بالوقوف الـى جانبــه، وحرصنا علــى مساعدتــه، كي يستعيد سيادتــه وحقوقـه على تراب وطنــه.

ونحن بذلك، نكون قد تقدمنا صوب السلام، واثقين بقدرة شعبا على التصدي لتحديات مرحلة السلام العادل، بما تتطلبه هذه المرحلة من وضوح في الرؤية، والتزام بالثوابت، وشجاعة في المواجهة.

حضـــرات الأعيــــان ، حضـــرات النـــــواب ،

تقدرون بكل تأكيد، أن الديموقراطية سلوك مسؤول، ومنهج حياة كريم، وأن المؤمن بهذا المبدأ والنهج يكون قد ارتضى لنفسه واجب العمل من أجل تعزيزه، والوقوف ضد كل ما يمس بالوطن والقيم التي تم التعارف عليها وعلى احترامها، ولا يقبل بالتطاول على هيبة الدولة ومؤسساتها. والديموقراطيه لا تعطي الحق لأي فئـة بادعاء احتكار الحكمة والحقيقة، مثلما أنها لا تبيح لأحد مبرر الاعتداء على حقوق الغالبيـة العظمى من الشعب وحرياتهم، أو التطاول بالافتراء والتشكيك في أهمية دور الأجهزة الأمنية الوطنية، المكلفة بحماية مصلحة الوطن والمواطنين، لأن ذلك يمثل اسهاما في النيل من أمن الوطن وأهلــه.

وان حكومتي، اذ تدرك بكل اعتزاز وفخر، دور قواتنا المسلحة في الدفاع عن الوطن وحماية أمنه واستقلاله، والعبء الكبير الذي تنهض به في الظروف الصعبة، التزاما منها بمباديء الثورة العربية الكبرى وانتمائها القومي الثابت، فانها ستولي هذه القوات الغالية، اهتمامها بما يحتاج اليه من تدريب وتسليح وتطوير واحتراف، لكي تبقى سدا منيعا للوطن وضمانا لأمن المواطن، وتوفيرا لأسباب الاستقرار والازدهار والتقدم وحماية لأرضنا ووجودنــا الحر عليها، فـي هــذا الموقع المتقدم من الوطن العربي الكبيـر.

واذ تؤكد حكومتي على هذه الحقائق والمعاني، فانها تؤكد ايضا بأن مؤسـسـة الأمن الأردنيــة سوف تظـل محــل الثقــة والتقديــر، والاعتزاز والرعايــة، وسيظل أبناؤهــا جند الوطن البواسل، يتعهدونه بالرعاية والسهر والتضحية، والحس العميق بالمسؤولية ونكران الذات، لاداء واجبهم المقدس نحو حماية الوطن والمواطنين وصون حقوقهم وأمنهم من أي عبث.

حضـــرات الأعيــــان، حضـــرات النـــــواب،

وايمانا من حكومتي بالواجب القومي والالتزام التاريخي بقضايا الأمة ومصيرها، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، فستعمل على تعميق التزامها وفق القواعد والثوابت المبدئية، في التعامل مع ما يتصل بقضية فلسطين وشعبها الشقيق، وفق أسس الشرعية الدولية المعبر عنها بقرارات الأمم المتحدة لانهاء الاحتلال الاسرائيلي وتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره على ترابه الوطني، وتنفيذ قراري مجلس الأمن رقم 242 و 338 المتضمنين مبدأ عدم جواز احتلال أراضي الغير بالقوة ومبدأ مبادلة الأرض بالسلام، ووقف المستوطنات وانهاء الاستيطان، والانسحاب من جميع الأراضي العربية المحتلة، بما فيها القدس الشريف، وتوفير أسباب السلام العادل والدائم في المنطقة.

ضمن دائرة هذا التوجه، ستواصل حكومتي عملية التنسيق مع الاشقاء الفلسطينين، تنسيقا يحقق النتائج المتوخاة، وبخاصة فيما يتعلق بصيغة الوفد الأردني - الفلسطيني المشترك والثوابت التي يستند اليها في التعامل مع مؤتمر السلام.

لما كان الأردن عضوا مؤسسا في جامعة الدول العربية، حريصا على استمرار دورها لتحقيق التضامن العربي، فستسعى حكومتي وعلى جميع المستويات، الى اعادة اللحمة الى هذا التضامن، بعد أن أصيب خلال أزمة الخليج، مستهدفة تعزيز أواصر الاخوة وروابط المصير والمصالح المشتركة لشعوب دول الجامعة، وستواصل سعيها في هذا المجال، ايمانا منها بوحدة الأمة، ودفاعا عن مستقبل أبنائها.

كما ستستمر حكومتي بتعزيز أسس التعاون والصداقة، مع الشعوب والدول الاسلامية الشقيقة، ومع الدول الصديقة، على أساس قواعد الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة من الدول، وستعزز حكومتي دور الأردن وصيغ مشاركته في المنظمات الاقليمية والاسلامية والدولية، تحقيقا لهذه الغايات.

حضرات الأعيان، حضرات النواب،

وفي مجالات التربية والتعليم، والثقافة والتوجيه والشباب، سوف تواصل حكومتي تنفيذ خططها الرامية الى جعل عقد التسيعينات عقد الاصلاح التربوي الشامل، ورفع مستوى التعليم والتطوير التربوي، وتحقيق عدالة توزيع الكفاءات بين مختلف المناطق والأماكن. كما ستواصل عملها الدؤوب لتحقيق التنمية الثقافية الشاملة، وضمان حرية الابداع والفكر والرأي، والعمل على مشاركة الشباب في مجالات النهضة والبناء والتنمية ضمن خطط تتناسب وطبيعة المرحلة، وترفد المجهود االوطني بطاقاتهم المبدعة وتعزز الحوار معهم وبينهم حول الوطن : تاريخه وآفاق تقدمه، وكبريائه العظيم.

وتقوم وزارة التربية والتعليم حاليا بتنفيذ خطة شاملة للتطوير التربوي تستهدف ادخال برنامج متكامل للتربية الوطنية والثقافة العسكرية، واعادة النظر وبشكل جذري بالمناهج والكتب المدرسية للمراحل التعليمية المختلفة، ووضع الخطط اللازمة لتأهيل المعلمين وتدريبهم، والتوسع في التعليم المهني والتطبيقي وتغيير انماط الامتحانات والاختبارات المدرسية وتطوير الادارات والقيادات التربوية بما يتلاءم مع مستجدات العصر من نقل العملية التعليمية من التلقين والاملاء الى التفكير والابداع.

واننا ونحن على عتبة تحولات اجتماعية وعلمية عميقة واتساع نطاق التعليم العالي لا بد من التأكيد على ترسيخ الحرية الأكاديمية في جامعاتنا لتكون قوى فاعلة في حركة التغيير والتقدم، باعتبارها موئل العقل والعلم، والمنهج الذي يكتشف الاجابات الحقيقية من خلال البحث الموضوعي المنهجي المستند الى التفكير لا الى التلقين، والمرتكز الى حق التماس المعرفة من مصادرها، والمطل على قضايا الوطن بالبحث والسؤال، والقادر على مواجهة تحديات العمر في ميادين العلم والتكنولوجيا، حتى تكون كلها قاعدة للتقدم تسند قواعده التي التزمنا بها وهي الحرية، والديموقراطية، والعدالة، وفي مناخ من العمل المبدع من أجل التنمية والتقدم والتجديد. فليكن التحول عميقا والمستوى متميزا، وقبول التحدي ضد التزمت، والتلقين، والسطحية واضحا، وليسبق ذلك كله مراجعة شاملة تهدف الى اصلاح التعليم والنهوض به في مستوياته كلها، وفي تشريعاته، وعلاقته بتقدم الوطن والأمة، والتزامه العميق الشامل بما عبرنا عنه في ميثاقنا الوطني، في اتجاه بناء الأردن المتميز القادر على امتلاك التقنية لتنمية موارد الوطن ضمن تخطيط منهجي دقيق نابع من نظام تعليمي متطور وحديث، ومن بنية ثقافية فاعلة عامرة بهواجس الحرية والوحدة والحياة الكريمة.

ولما كانت مسؤولية الوعظ والارشاد في المجتمع ذات صلة أساسية، بحماية الوحدة الوطنية وترسيخ قيم الخير والتسامح ووحدة الصف، بعيدا عن التزمت والتعصب والانغلاق، فاننا نؤكد ان المهمة الرئيسية للمساجد ودور العبادة، تتمثل في تبصير الناس بأمور دينهم، وحثهم على التمسك بالفضائل والنزاهة واحترام النظام العام، والتصدي لكل محاولة تستهدف اشاعة مشاعر الفرقة والانقسام، بين أبناء الوطن الواحد والأسرة الواحدة.

حضــــرات الأعيـــان، حضــــرات النــــواب،

ولا بد من التأكيد على استمرار الجهد لتحديث التشريعات وتطويرها، وتعزيز طاقات المؤسسات حتى تكون قادرة على التعامل مع متطلبات المواطنين وخطط التنمية بروح جديدة. وهذا يتطلب اطلاق أفكار الاصلاح الاداري على أسس منهجية تأخذ باعتبارها المفاهيم الحديثة للوظيفة العامة وما تتطلبه من متابعة وتدريب وتقييم ورقابة وتشريع وحوافز، على أن تتصدى هذه الجهود لكل العوامل التي تقف في طريق الاصلاح مهما كانت دوافعها الاجتماعية أو الفردية، ولا بد من تعزيز اللامركزية، بتفعيل دور الحكام الاداريين في المحافظات، وفي الوحدات الادارية الأخرى والتقدم نحو توفير الصلاحيات والامكانيات التي تخدم هذا الدور وتلك النقلة حتى يتمكن المواطن من حل مشاكله ضمن الوحدة الادارية التي يقيم فيها، وحتى تتمكن الادارات المركزية من التفرغ لمهمات التخطيط والمتابعة والاشراف.

حضرات الأعيان، حضرات النواب،

لقد كان الأردن أكثر البلدان تضررا من أزمة الخليج، ولعل ما تتصف به معاناة الأردن دون سواه من الدول الأخرى هو استمرار آثار هذه الأزمــة عليه ومــا تسببت بـه من تغيرات ديموغرافية كبيرة حيث عــاد الينا نحـو ثلاثمائة ألف مواطن من ابنائنا الذين كانوا يعملون في الخليج وبخاصة في الكويت.

ولقد تعاملنا مع هذه التداعيات الديموغرافية منطلقين من تحليل علمي وواقعي لابعاد التغيير وحيثياته. فالعائدون يشكلون زيادة كبيرة ومفاجئة تصل نسبتها الى 10% من حجم السكان المقيمين في الأردن. الأمر الذي يترتب عليه زيادة كبيرة في أعباء جميع الخدمات الاجتماعية والاقتصادية وخدمات البنية التحتية. وهم من ناحية أخرى ثروة من الخبرات والمهارات تجمعت عبر سنوات طويلة من العمل الشاق والدؤوب في بناء المجتمعات والاقتصاديات الشقيقة. وقد تعامل أبناؤنا في الخارج مع أكثر أساليب الانتاج تقدما وعادوا الينا يحملون معهم حصيلة تجارب متعددة ومتشعبة وعميقة ستسهم دون شك في اثراء مجتمعنا وتطوير اقتصادنا.

وكان تعاملنا مع الهجرة العائدة باتجاهين، الأول : هو بذل أقصى الجهود لتوسيع الخدمات العامة وبشكل خاص الخدمات التعليمية والصحية. والثاني هو اطلاق طاقات العائدين ليتمكنوا من المساهمة الفعالة في الانتاج وتوظيف خبراتهم ومهاراتهم ومدخراتهم في المجالات المختلفة.

وستعمل حكومتي الآن على توفير الخدمات المعلوماتية والفنية التي تساعد في توجيــه المدخرات نحـو الاستثمار، ومنها اعداد لوائـح بالفـرص الاستثمارية المتاحة والممكنة وتوسيع البنية التحتية المتوافرة لاقامة الصناعات الجديدة، خاصة تلك التي توفر أكبر عدد ممكن من فرص العمل. كما ستعمل الحكومة على توفير التمويل الجزئي للدراسات التسويقية ولعمليات تطوير الانتاج. ‏

وفي الوقت نفسه ستستمر الحكومة بمعالجة الآثار السلبية الأخرى لأزمة الخليج، وأهمها الركود في القطاعات المختلفة الذي نجم عن اغلاق الأسواق التصديرية الرئيسية في وجه الصادرات الأردنية، وذلك بتكثيف نشاطها في ايجاد الفرص التصديرية والأسواق الجديدة وابرام اتفاقيات تجارية جديدة مع الدول الصديقة والشقيقة، ودعم عمليات تطوير الانتاج وتحسينه واعطاء فعالياتنا الاقتصادية مرونة ومناعة ضد التذبذبات والتقلبات التي تحدث في الأسواق التقليدية.

ومن ناحية أخرى، فسوف تستمر حكومتي في بذل الجهود لاعادة العلاقات الاقتصادية مع الدول العربية المجاورة الى مسارها الطبيعي الذي تحتمه العلاقات التاريخية وحقائق الجوار الجغرافي والمصلحة المشتركة. وقد بدأنا طريق العودة الى نهج التعاون، فقامت حكومة المملكة العربية السعودية الشقيقة مشكورة بازالة العوائق أمام التبادل التجاري مستأنفين بذلك مسيرة عقود من البناء الأخوي المشترك والتعاون الاقتصادي الذي يعود بالمنفعة على الشعبين الشقيقين.

ولسوف تستمر حكومتي في بذل جميع الجهود لتصويب مسار الاقتصاد الوطني ومعالجة مشاكله الاساسية المتمثلة بالركود والبطالة والاختلالات في ميزان المدفوعات وعجز الموازنة العامة للدولة. يطمئننا على ذلك ان المؤشرات الأولية تظهر اتجاها ايجابيا للاقتصاد الأردني نحو مواجهة أعباء الأزمة وامتصاصها وتحقيق نمو ايجابي في الناتج المحلي الاجمالي لهذا العام 1991 قد يصل 1% بعكس ما كان متوقعا، كما تظهر انخفاض نسبة الاستهلاك من الناتج المحلي الاجمالي من 119% عام 1990 الى 101،5 عام 1991 أي بمقدار 17،5% وانخفاض العجز في الحساب التجاري لميزان المدفوعات بمقدار 16% للفترة نفسها.

وستستمر الحكومة في ضبط الانفاق، وستعمل على تقديم مستوى جيدمن الخدمات والاستمرار في تقديم الدعم لمستحقيه دون هدر في الموارد أو توسع غير مبرر في الانفاق.

كما ستستمر الحكومة في معالجة المديونية الخارجية واعادة جدولتها لتخفيف الأعباء الناجمة عنها. وستولي عناية خاصة لادارة الدين العام الداخلي والخارجي وضبطه والحد من الاقتراض التجاري واقتصاره على القروض التنموية بشروط ميسرة.

وما تزال البطالة والفقر يمثلان تحديا اجتماعيا كبيرا، ولذلك فان استراتيجية الحكومة في تشجيع الاستثمار والانتاج مستمرة بقصد ايجاد مزيد من فرص العمل. وفي سبيل ذلك، فقد قامت باعادة النظر في جميع الاجراءات التي تهدف الى تيسير وتسهيل نشاطات القطاع الخاص لتمكينه من القيام بالدور المطلوب منه لدفع عملية الانتاج وزيادة فرص العمل. كما اتخذت الاجراءات المناسبة لضبط السوق المحلي والعمالة الوافدة، وسعي الحكومة مستمر من خلال التنسيق مع الدول الشقيقة في سبيل ايجاد فرص عمل جديدة للكفاءات الأردنية.

وعلى صعيد المؤسسات العاملة مباشرة في محاربة البطالة والفقر، سعت الحكومة الى دعم مؤسسات العمل الاجتماعي والتطوعي بتوفير التمويل لهذه المؤسسات لتنفيذ مشاريع اجتماعية وانتاجية متكاملة وفتح نوافذ الاقراض السهل للمشاريع الصغيرة من خلال مؤسسات الاقراض المتخصصة وتوسيع نشاطات صندوق التنمية والتشغيل واعطاء دور أكبر لمؤسسة التدريب المهني ليشمل التدريب والتأهيل والمساعدة على اقامة المشاريع الصغيرة للخريجين. وبالرغم من الصعوبات التي تواجه الاقتصاد الوطني، فان الحكومة ستستمر في تنفيذ معالجة مديونية المزارعين بما يخفف العبء عنهم، وستبذل الحكومة الجهود المستمرة لاستئناف عملية التنمية ودفعها من خلال وضع برنامج وطني تنموي متوسط المدى، وتوسيع دور القطاع الخاص في العملية الانتاجية التنموية، وخلق بيئة استثمارية تنافسية، وتحديد المشاكل القطاعية، وتبني السياسات والاجراءات واعطاء الحوافز الضرورية لزيادة مساهمة القطاع الخاص في العملية التنموية. ويهدف هذا البرنامج التنموي الى ما يلي :

  • أولا- دفع عمليـة التنميـة وتحقيق معدلات نمو ايجابيـة تنعكس ايجابيا على مستوى حياة الفرد الأردني.
  • ثانيا- تخفيض نسب الاستهلاك من الناتـج الاجمالـي بشكـــل تدريجي.
  • ثالثا- تخفيض العجز في الحساب الجاري بميزان المدفوعـات من خلال زيادة الصادرات وتنويعها سلعيـا وجغرافيـا وتشجيع السياحــة وتحويلات العاملين والحد من الاستيراد.
  • رابعا- زيـادة الاحتياطـات من العملـة الأجنبيــة وتقليل الاعتماد على القروض الخارجية وتخفيف عبء المديونية.‎
  • خامسا- تقليص العجز في الموازنة العامة من خلال ادخال اصلاحات هيكلية على نماذج الانفاق والايرادات وتوجيه الدعم لمستحقيه مباشرة.

وتقوم حكومتي باعداد الاستراتيجية الوطنية لحماية البيئة لايجاد توازن بيئي مستمر بين عناصر البيئة الرئيسية بما يضمن حماية المواطنين في الحاضر والمستقبل.

كما تعمل على تفعيل دور المجالس المحلية لتقوم بدورها لتنمية مدننا وقرانا وتطوير مجتمعاتنا المحلية بصورة شمولية.

وتعتبر حكومتي موضوع المياه من الموضوعات الرئيسية ذات الأولوية القصوى في سلم الأولويات من اهتماماتنا وهي على وعي كامل للأبعاد الاساسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية والفنية للوضع المائي الصعب الذي يعيشه الوطن. وهذا يحتم توفير ادارة ناجعة لمصادر مياهنا والحفاظ عليها وتنمية مواردها المتاحة والبحث المستمر عن مصادر اضافية مستهدفين بذلك الوفاء بالاحتياجات المائية لبلدنا حاضرا ومستقبلا.

ويتطلب ذلك أيضا العمل الدؤوب للمحافظة على حقوقنا المكتسبة من المياه المشتركة مع الدول المجاورة، وضمن حلول اقليمية تؤمن للأردن متطلباته من المياه.

حضـرات الأعيان ، حضـرات النـواب ،

ان اقرار شعبنا للميثاق الوطني يمثل تطلعاته وتصوراته الوطنية والقومية والانسانسة، لذلك لا بد من اعتماد مبادئه ومرتكزاته قواعد لعملنا السياسي ونهجنا الديموقراطي، وتقدمنا الاجتماعي والعلمي والاقتصادي، ولا بد من قيام المؤسسات جميعها بالاستناد اليه والاحتكام الى مبادئه في مراحل التشريع ورسم الاستراتيجيات والتخطيط في مجالات الحياة المختلفة، لتعزيز أركان دولة القانون والمجتمع الديموقراطي. فالميثاق الوطني عهد وأمانة ومرجع فكري في هذه المرحلة التي نسعى فيها الى تعزيز المساواة والعدل وتكافؤ الفرص في هذا الوطن الذي سجل أكثر الصفحات اشراقا في تاريخ أمته الحديث، وفي استجابته الفذة للتحديات مهما بدت صعبة، وفي كبريائه القومي الذي لا ينحني ولا يلين.

(تصفيق حاد جدا)

اننا على عتبة مرحلة جديدة، تحمل معها ملامح تحولات جذرية عميقة، وتحديات كبيرة، تفرض علينا مسؤولية التصدي لها، بحكمة وبصيرة، وتوسيع دائرة الوعي والأمل، بعيدا عن كل أسباب الفرقة والضعف والوهن.

ومن هنا، سوف تحرص حكومتي على التعامل مع المرحلة بمزيد من الشجاعة والحس بالمسؤولية والانضباطية والوعي، حماية لهذا الوطن وأبنائه، من أي خطر أو تآمر، وتعزيزا لنهضته ومكانته، وحرصا على كرامته وأمنه، وصونا لأسباب نمائه وازدهاره. ولا بد من أن يدرك الجميع أن دور الأردن القومي التاريخي مستمر في حضوره، وقد تحملنا في سبيله ما تحملنا من سوء فهم وحصار، وقبلنا مواجهة التحديات في سبيل المباديء التي دافع آباؤنا عنها (تصفيق حاد جدا ) وهم يندفعون برايات ثورة العرب الكبرى لتحرير الأمة، ودافع عنها جنودنا على أسوار القدس وعلى ضفتي النهر، وحين نتصدى اليوم لمعركة السلام، فاننا نتذكر دائما تضحيات الأجداد والآباء في مواجهة الظلم والعدوان والقهر، ومن أجل العدل والسلام والحرية للوطن وكل أبنائه ومستقبل أجياله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

( تصفيق حاد جدا )