مجلس الأمة
نسخة للطباعة

بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على رسوله الأمين
صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
يتشرف مجلس الأعيان بأن يرفع إلى مقامكم السامي أعظم آيات الشكر والامتنان لتفضلكم بافتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة السادس عشر ، بإلقاء خطبة العرش السامي . التي جاءت خارطة طريق للإصلاح الشامل ، واضحة المعالم والرؤى نحو حاضر كريم ، ومستقبـل زاهر مشرق لشعبكم الأردني وتطلعاته لاستكمـال بناء الأردن المتميز بأنه دولة المؤسسـات ، وسيادة القانون، وتحقيق العدالة والمساواة والحرية ، وحقوق الإنسان .
صاحب الجلالة ،،،
إن الإصلاح السياسيّ أولوية في المرحلة الراهنة ، ومن أجل تحقيق ذلك قطـع هذا الإصلاح شوطاً كبيراً في انجاز التعديلات الدستورية في صورتها القانونية ، وانجاز قوانين الاجتماعات العامة والبلديات ونقابة المعلمين والتشريعات الناظمة للعمل الإعلامي وحرية الرأي والتعبير . وسوف يستمر العمل على انجاز البنية التشريعية التي تمهّد وتؤسس لتطوير العمل السياسي بإصدار قوانيـن الانتخابات ، والأحزاب، والهيئة المستقلة للانتخابات، والمحكمة الدستورية . ويتفق المجلس مع تأكيـد جلالتكم على أن هذه التشريعات ليست نهائية ، وإنما هي خطوة هامة لتأمين التطوّر الديمقراطي الايجابي والنوعي الذي يسهم في توسيع قاعدة المشاركة والتمثيل ، وأن الهدف النهائي من الإصلاح السياسي هو الوصول إلى حكومات نيابية . وحتى تنضج بنية الأحزاب ، ويكون لها وزن سياسي مؤثر في داخل البرلمان ، لابدّ من تكريس مبدأ التشاور في تشكيـل الحكومات ، ليكون المواطن مشاركاً في تشكيلها من خلال مجلس النــواب . وهذا ما أكّدتــم عليه جلالتكم ، وهو أمر يحظى بتأييد كامل من مجلس الأعيان .
ويؤكد المجلس قناعته التامة بأن حزبية الحكومات هي قضية بيد المواطن والناخب ، وبقدرة الأحزاب على استقطاب المواطنين من خلال برامجها ، وأن المعارضة الوطنية تسعى لرفعة الوطن وخدمته وبنائه .
صاحب الجلالة ،،،
إن مجلس الأعيان يؤمن ويعتزّ بما أكدتم عليه ، من أن الأردن قد تأسّس على مبادئ البيعة وتقوى الله والعدالة للجميع وفق القانون ، وتلك هي المبادئ التي انطلقـت منها الثورة العربية الكبرى ، التي نادت بالوحدة والحرية لأبناء الأمة العربية . فصار الأردن موئلاً لأحرار العرب من كل الأقطار. وقد أسّس أجدادكم وأحرار الأمة هذا الحمى الأردني وبنوه بالجهد والعرق ليكون وطن الحريـة والعدالة والمساواة . لكل الأردنيين . ولا يقاس الانتماء إليـه إلا بمقدار العمل والعطاء . أما تنوّع الجذور والتراث ، فانه من أهم ما يثري الهوية الوطنيّة الأردنية الواحدة ، التي يعزّزها التسامح والوسطية .
صاحب الجلالة ،،،
إن مجلس الأعيان يقدّر عالياً توجيه جلالتكم للحكومة لتوفير البيئة الآمنة والمناسبة للتفاعل الديمقراطي ، وضمان حرية التعبير المسؤول عن الرأي ، وترسيخ أسلوب حضاري في التعامل مع أشكال التعبير والاحتجاج السلمّي ، ومن ذلك المسيرات السلمية . وتنفيذ المشروع الإصلاحي بأبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، الذي رسمتم معالمه ، وحدّدتم مراحله ، ترجمة لطموحات شعبكم في الإصلاح . فنحن بأمس الحاجة للسير في هذا الدرب بدون تردد .
إن مجلس الأعيان لعلى قناعة تامة بأن الفساد ظاهرة ما تزال تشغل وتؤرق الرأي العام الأردني ، على الرغم من الجهود التي بذلت لاجتثاثه ، ونحن على يقين بأن توجيهاتكم السامية سوف تترجم إلى مزيدٍ من الإجراءات العملية الحاسمة لاجتثاث هذه الآفة .
كمـا يؤكد المجلس حرصه على استقلال القضاء ، ودعم السلطة القضائية في تحقيق العدل وسيادة القانون ، وتوفير كل ما يلزم لتقوم بواجبها ومسؤولياتها الجليلة .
إن مجلس الأعيان يؤمن بأن الإعلام الوطني الحرّ يجب أن يكون منبراً للحـوار الوطني الهادف البنّاء ، ولهذا، يجب أن تتلازم فيه المهنية مع الحرية . وان توفيـر بيئة قانونية تحترم حق الإعلام في الحصول على المعلومة ، مع حماية الحقوق الشخصية ، تجعله إعلاماً منفتحاً على كلّ الآراء ، ويصبح بإمكانه خدمة الوطن ومفاهيم الحرية .
صاحب الجلالة ،،،
ان للقطاع الخاص دوراً حيوياً وهاماً في التنمية التي يجب أن تخطو خطوات موازية للإصلاح السياسي ، ومن الضروري أن يكون القطاع الخاص شريكاً مع الحكومة في محاربة الفقر والبطالة وجذب الاستثمارات وإيجـاد فرص العمل المناسبة للشباب ، وخاصة في المحافظات ، وتقديم الخدمات اللازمة للمواطنين من المياه والطاقة وتطوير الزراعة والسياحة والنقل وغيرها من المجالات ، سوف يسهــم كل ذلك في تحقيق أهداف مسيرة التنمية الشاملــة ، وينعكس بصورة ايجابية على مستوى معيشة المواطن ، ويعزّز الالتزام بالشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص .
أما التربية والتعليم والتعليم العالي والرعاية الصحية يجب ان تظل أولويات وطنية ثابتة ، لتهيئة الشباب لأدوارهم القادمة في سائر مراحلهم العمرية والتعليمية بأسرع وقت ممكن . وأن المجلس ليتطلع إلى مراجعة شاملة للسياسات التعليمية في سائر المراحل ، بحيث تراعي المستجدات العلمية ، وتعمق الهوية الوطنية ، وتعزز الانتماء الحقيقي للوطن .

صاحب الجلالة ،،،
إن الشباب هم المكون الإنساني الأكبر في مجتمعنا الأردني ، وكما تؤكدون جلالتكم دوماً بأنهم الأمل الذي نبني عليه المستقبل ، فلا بـدّ من دعم الهيئات الشبابية ، وتفعيل دور الشباب في العمل العام ، وإعداد البرامج والخطط لتنمية نشاطهم الشبابي الحرّ ، والإسهام في المسيرة الوطنية بكل مجالاتها . ونحث الشباب على الانتظام في الأحزاب ذات البرامج السياسية والاجتماعية والاقتصادية مما يتيح لهم دوراً بارزاً في مسيرة المجتمع الإصلاحية . وان مجلس الأعيان ليتطلع لدور جديد لوزارة الشباب والرياضة يمكنها من تنفيذ الأهداف الوطنية ذات الصلة بالشباب .
صاحب الجلالة ،،،
يعتزّ الأردن اعتزازاً راسخاً بانتمائه لامته العربية ، وسيبقى هذا الانتماء القومي الركيزة الأساسية في السياسة الأردنية الخارجية ، وفي توثيق التعاون مع الأشقاء العرب لتطوير مؤسسات العمل العربي المشترك ، وأن مجلس الأعيان يعبّر عن شكره العميق ، وتقديره الكبير لدول مجلس التعاون الخليجي على موقفهم الايجابي من انضمام الأردن إلى هذا المجلس .
وسيبقى الأردن في مقدمة المدافعين عن قضايا الأمة العربية والإسلامية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ، وسيبقى ملتزماً بدعم الأشقاء الفلسطينيين حتى يتمكنوا من استعادة حقوقهم وإقامة دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني وعاصمتها القدس الشريف ، مع الاستمرار بواجبنا التاريخي في رعاية الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية . ونحن جميعاً مع جلالتكم ملتزمون بأن الأردن لن يقبل تحت أي ظرف ، وفي أيّ حال من الأحوال بأيّ تسوية للقضية الفلسطينية على حسابه ، وعلى حساب مصالحه الوطنيـة ، وثوابته التـي لا يقبل أن تُمسّ .
صاحب الجلالة ،،،
أمّا قواتنا المسلحة ، وأجهزتنا الأمنية الحريصة على أمن الوطن والمواطن وراحته ، فإنها تستحق منا جميعاً التقدير والاعتزاز ، لما تنهض به من أمانة الدفاع عن أمن الأردن واستقراره وسيادته وحماية انجازاته . ومن هنا يؤكد مجلــس الأعيان دعمه الكامل لتوجيه جلالتكم بتوفير ما تحتاجه قواتنا المسلحة، وأجهزتنا الأمنية من إعداد وتدريب وتسليح ، وتوفير حياة كريمة تليق بدورها الوطني الكبير.
صاحب الجلالة ،،،
لقد رسم خطاب العرش السامي معالم واضحة لطريق الإصلاح الوطني الشامل في المرحلة القادمة من عمر مملكتنا التي تقف على عتبات مئويتها المباركة ، راسخة الجذور ، عزيزة المواقف ديمقراطية الحياة والروح ، كما عزّزتم روح الأردنيين الغامرة بالحرية والانجاز ، وفتحتم الآفاق لأجيالنا الجديـدة نحو الإبداع في سائر مناحي العمل الوطني ، لحمل أمانة المسؤولية بروح الفريق الواحد لدى الحكومة ، ومجلس الأمة ، والمعارضة ، والقـوى الحزبية ، ومؤسسات المجتمع المدني ، والإعلام المهني المسـؤول ، مما يزيدنا انجازاً على انجاز ، وإصراراً على مواجهة التحديات .
وان مجلس الأعيان إذ يعرب عن تقديره العميق لقيادتكم الملهمة ، ويثّمن دوركم القومي في تقديم نموذج إصلاحي ملتزم بالحريّة والعدل والديمقراطية ، ليؤكد حرصه الشديد على هذا الدور الذي يمثّل الربيع الأردني النموذج في سياق التغيير الصاخب والعنيف الذي تشهده المنطقة بأسرها .
ويعاهدكم مجلس الأعيان على القيام بدوره الدستوري الكامل في التشريع والرقابة والمساءلة والانفتاح على سائر القضايا التي تشغل الأردنيين في هذه المرحلة الدقيقة .

حفظكم الله ورعاكم ، وسدد على طريق الخير خطاكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته