مجلس الأمة
نسخة للطباعة

بسم الله الرحمن الرحيم
خطاب العرش
لحضرة صاحب السمو الملكي أمير البلاد المعظم الأمير
عبد الله بن الحسين ايــده الله
فــي
حفلة افتتاح الدورة الأولى للمجلس التشريعي الأول




المنعقد في شرق الاردن يوم السبت
الواقع في 2 تشرين الثاني ( نوفمبر ) سنة 1929

حضرات الأعضاء الكرام

اتم الله علينا وعليكم سابغ النعم ويسر لنا ولكم من خير الاعمال صالح القسم اما بعد فاني لمفعم بالحبور جم الجذل بدعوتكم بعد اجتماعكم الاستثنائي الغابر الى عقد الدورة الاولى المعتادة لمجلسكم التشريعي العامر بالآمال المنوطة به وبكم من ابناء الامة كافة .

ولئن تصرم اجل تلك الفترة وشيكا وانفض امدها الوجيز حثيثا فلقد ارهفتم لها غرار العزم فعالجتم ما عرض في غضونها من الشؤون العدة بالكياسة المنشودة، والحنكة المرجوة غير متوخين من هدف الا الخدمة الخالصة لوجه الله وللوطن .

ولا بدع اذا اغتبطت بفلح مسعاكم الذي حدثني به الفراسة من قبل ووصفه لي جميل الظن بكم فلقد اصبحت فيما اتحرى لكم بعد ذلك من حقوق مأمولة واسباب موصولة فسيح رقعة الامل بعيد مرمى الرجاء .

ان فيما تؤمى اليه هذه المقدمة من أعمالكم وتشف عنه تلك الدلائل من فطنتكم لبينة سافرة وحجة باهرة على ان بلادنا هذه وان تكن صغيرة في حدها فانها لكبيرة بآمالها وجدها وخليقة بان نبذل النهج من أجلها وتحقيق ما يجدر بنا وبأهلها من شرف وسؤدد واستقلال موطد .

ولما لم يكن بين التئامكم اليوم وبين الجلسة الاستثنائية السالفة من أمد يتسع نطاقه لجلائل الأعمال المتلاحقة فوق انه موسم الاجازات المألوفة فستعرض حكومتي عليكم ما تم في خلال ذلك على يدها من عمل وما اعتزمت انجازه من مشروع في صدد الشؤون الاقتصادية والزراعية والعمرانية فضلا عن مشروع الموازنة العامة الذي سيوضع بين ايديكم في هذه الدورة في أمد غير بعيد .

انكم ولا مشاحة تعلمون الغرض الذي أرمي اليه من إيثار ابناء الوطن والاخذ بيدهم حتى يتبوأوا المقام الخليق بهم من خدمة بلادهم واشرافهم بانفسهم على شؤون امتهم ولذلك تألفت الحكومة الحاضرة فانتظم في عدادها ثلاثة من أعضاء مجلسكم الجليل . ووسدت الوظائف الاخرى لعدد من أبناء البلاد غير قليل .

وانها لخطوة تعقبها خطوات، ونهزة تتلوها نهزات وان كنت وكانت البلاد معي تقول أما القومية العربية وتملأها الاريحية العنصرية وان شطت بالعرب دارهم وتنازحت أقطارهم .

أما الاتفاق المعلوم فقد تم ابرامه واصبح نافذا حكمه اذ صدق عليه الفريقان الساميان المتعاقدان واما التمنيات التي أعربتم عنها وتشوقت اليها البلاد قاطبة فانها لنصب عيني أعمل لها وادأب في سبيل تحقيقها حتى يقيض للأمة ما تطمح اليه من أمانيها الوطنية وعزتها القومية واني لواثق من انكم تعتمدون في ذلك علي وتفوضون أمره المحض لي . يؤيد ذلك ما هو معلوم من صدق الولاء وحسن الصلات الدائميين بيننا وبين حكومة صاحب الجلالة البريطانية الفخيمة .

ولقد حمل الي فخامة المندوب السامي لشرق الأردن في زيارته الأخيرة نص المعاهدة المبرمة من صاحب الجلالة البريطانية مشفوعة بكتاب من فخامته يقول فيه : " انه قد أمر بان يحيطنا علما باعتراف جلالة الملك بوجود حكومة مستقلة في شرق الأردن وانه قد عهد الينا بالتشريع والادارة في تلك الامارة بلا قيد غير التحفظات المنصوص عليها في اتفاقية شرق الأردن وان يؤدي الينا ما يؤدي - للأمراء المالكين ورؤساء الدول من تحية مألوفة " .

ولقد علمتم بما شجر في فلسطين من خلاف وعرفتم موقفي حياله وما دار بيني بين فخامة المندوب السامي من مكاتبة بشأنه وقد تلقيت من فخامته كتابا اذعت المهم منه في منشوري الخاص بتاريخ 18/10/1929 وفيه اطمئنان للنفس على المسجد الأقصى وحقوق العرب في فلسطين .

وقبل ان أختم هذه الكلمة وافتتح هذا المجلس لا يسعني الا ان ابثكم ما حملت اليكم من تحية اخوانكم العراقيين وأن أجهر من ذؤابة هذا المنبر بشكرهم الجزيل على ما لقيت منهم من حفاوة وصدق مودة خلال الزيارة القصيرة . لقد سنحت لي الفرصة للتحدث الى جلالة أخي الملك عن توطيد أواصر المودة والصداقة بين القطرين وسننظر قريبا في عقد معاهدة صداقة واتفاقات خاصة لتنظيم ما بينهما من علاقة . وما صلاتنا بالأقطار المجاورة كما عهدتم امننا ومودة.

وها اني افتتح باسم الله هذه الدورة المعتادة لاجتماع المجلس التشريعي وادعو الله سبحانه ان يأخذ بيده ويسدد خطاه الى فيه خير البلاد والعباد بمنه تعالى وكرمه ومدد رسوله الأعظم صلى الله عليه وسلم .

حرر في قصر رغدان العامر في اليوم الثلاثين من شهر جمادى الأول من السنة الثامنة والأربعين بعد الالف والثلاثماية الموافق اليوم الثاني من شهر تشرين الثاني في التاسعة والعشرين بعد الالف والتسعماية ميلادية .