مجلس الأمة
نسخة للطباعة

خطاب العرش السامي لسنة 1940م
في
حفلــة افتتــاح الــدورة العاديـــة الرابعــة
للمجلــس التشريعي الرابـــع


الموافق 26 تشرين الثانــي سنة 1940م

بسم الله الرحمن الرحيم

أيها النواب الكرام،

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم المرسلين وعلى آله ، وصبحه أجمعين . ثم اني أهنئكم أيها السادة بما قيض لكم من عقد مجلسكم التشريعي مرة اخرى بعد أن سبق لكم في مثله أعمال مبرورة تترى فبذلتم المجهود في خدمة الأمة والوطن بالرغم عما انتاب العالم من الكوارث والمحن وانه ليسرني أن أسجل ما قامت به حكومتي من الأعمال المشكورة من اعفاءات في الأموال الأميرية عن المحصولات الشتوية والكروم وعن إعادة الأموال غير المنقولة الى بعض المدينين من قروض الزلزال ثم ان هناك مشروعات موفقة في أقطار البلاد تم انجازها من فتح طرق وتعبيدها وإقامة مساجد فيها وإصلاح الينابيع وفتح اقنيتها ومجاريها في الكرك والبلقاء وعجلون وفضلا عن الغاية الفائقة بنشرالمعارف وإيفاد البعثات الى الخارج والقيام بالأعمال المجدية في الدائرة الانشائية لجمع ودرس المعلومات المختصة بموارد المياه في الينابيع والجداول وتوزيع ما يتفجر منها توزيعا أفضل الأماكن المستطاع زرعها بمحصولات قيمة ولقد اكبت مصلحة تدقيق وتحقيق الحسابات على ما جرت عليه من ضبط واتقان واخذت وزارة الزراعة والتجارة على عاتقها توزيع عدد كبير من الاشجار المثمرة وغيرها على الطالبين مجانا احيانا وبالثمن اخرى وتطعيم الاشجار البريه من الزيتون والبطم ومكافحه فأره الحقل وبعض الامراض الزراعيه وانشاء مستنبتات في بعض الجهات وتوزيع فسائل النخل وتطبيق نظام استيراد البضائع من بلاد الهند عن طريق البصره وتعديل اتفاقيه (الترانسيت ) المعقوده بين بلادنا وفلسطين وما اسفرت عنه اعمال تسويه الاراضي من مساعده اصحاب الارض على تحسين ارضهم ولقد قامت اداره المصرف الزراعي باسعاف المزارعين بمبالغ غير قليله وما هيأته تلك الدائره المنظمه المتقنه من اموال اخرى لاقراض صغار المزارعين وقد خففت عن كاهل الناس بما اخذته على نفسها من ارجاء التحصيل من المستقرضين الى اجل آخر ولاتزال دائره الآثار وان تضائلت او وقفت مخصصاتها ساهره يقظه على اعمالها اما العنايه بالصحه فما فتئت مبذوله كل البذل موفقه كل التوفيق وقد اضطلعت بمشاريع لها خطورتها فتم تحويل مستشفى الحكومه في عمان الى مستشفى جراحي ونجز بناء العياده الجديده فيها وجهزت تجهيزا عصريا وخصوصا فرع امراض العيون وقامت تلك الاداره بمناوأه شتى الامراض واستطاعت التغلب على اكثرها وسوف يباشر بانشاء محجر صحي في المدوره اما حاله الامن العام فتدعو الى الغبطه والحبور فالراحه مستتبه والطمأنينه سائده ولما كانت الحرب قد تطورت في بعض الاقطار بما وقع لفرنسا فقد اتخذ الجيش العربي الاحتياطات اللازمة على الحدود الشماليه لحراستها ومنع دخول المشتبه بامرهم وفتحت دورات لفن الرمايه واللاسلكي والاشاره واصول المخابرات والتعاون مع الطائرات الى غير ذلك من المقتضيات العسكريه وانشئت جمعيه الهلال الاحمر واخذت الاهبة للطوارىٍ والحقت بفرق اسعاف الجيش الاوليه في العاصمه وقد بذلت القياده ما يغني من المساعي لمكافحه الاميه في السجون وتهذيب اهلها بالوعظ والارشاد وتدريبهم على الاعمال الصناعية ولقد سارت مصلحة البرق والبريد سيرها المطرد في التقدم والنجاح واستحدثت ومدت خطوطا جديدة بين المدن والقرى وعلى الرغم من فرض الرقابة على المراسلات الخارجية اخذا بالحيطة في هذه الحرب فقد لبث نظام البريد والبرق على ما عهدناه الضبط والماعونة على ترويج الاشغال وما يجدر بالذكر ما نجز من تعبيد الطرق وصيانتها وبناء الجسور وفي الأخص جسر الزرقاء وانشاء العمارات الحكومية والخزانات للمياه.

واننا تعزيزا لروابط الأخوة بيننا وبين الأقطار العربية فقد أجمعنا على تأسيس قنصلتين احداهما في العراق والأخرى في مصر ويتلو ذلك غيرهما ان شاء الله في سائر البلدان الشقيقة واذ أشيد بذكر الصلات الوطيدة بيننا وبين الدول الديمقراطية وفي الأخص حليفتنا البريطانية المعظمة فإنني لأصرح اننا بجانبها بالقول والعمل في هذه الحرب الضروس التي نسأل الله أن تنتهي بانتصار الحق على الباطل وبخذلان الطغيان المريع وأن يمنح الله الانسانية اليائسة سلاما طويلا ورضى شاملا ان شاء الله ، وأن يصون الديار الاسلامية من شرور الالحاد والظلم .

وانني باسم الله جل وعز افتتح هذه الدورة الرابعة من مجلسكم التشريعي الرابع وأدعو الأعضاء الكرام إلى الشروع في العمل وأصلي وأسلم على نبينا الأعظم محمد خاتم الرسل والأنبياء وعلى آله وصحبه أجمعين .